155

Difficult Hadiths in the Interpretation of the Holy Quran

الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم

ناشر

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٠ هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

حال، وإن كان أراد المسلم المقصر؛ فإن قول الله ﷿: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) إنما هو في أحكام الدنيا، وكان أهل الجاهلية يطلبون بثأر القتيل فيقتل أحدهم أخاه أو أباه أو ذا رحم به، فإذا لم يقدر على أحد من عصبته ولا ذوي الرحم به قتل رجلًا من عشيرته، فأنزل الله ﵎: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (١)، وأخبرنا أيضًا أنه مما أنزل على إبراهيم ﵇ (٢)، ولذلك قال رسول الله ﷺ لرجل رأى معه ابنه: "لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ" (٣) ". اهـ (٤) وذهب الكرماني إلى أَنَّ الآية خاصة في أحكام الآخرة؛ إذ المراد بها الإخبار عن حال الآخرة، وأما الحديث ففيه الإخبار عن حال البرزخ، وحال البرزخ تلحق بأحوال الدنيا، والتي يجوز فيها التعذيب بذنب الغير، وعليه فلا يكون هناك تعارض بين الآية والحديث. (٥) وأجاب أصحاب هذا المذهب عن حديث عائشة ﵂، والذي فيه تخصيص ذلك بالكافر: فقال الشوكاني: "وأما ما روته عائشة عن النبي ﷺ أنه قال: "ذلك في الكافر أو في يهودية معينة" فهو غير مناف لرواية غيرها من الصحابة; لأن روايتهم مشتملة على زيادة، والتنصيص على بعض أفراد العام لا يوجب نفي الحكم عن بقية الأفراد، لما تقرر في الأصول من عدم صحة التخصيص

(١) أخرج ابن جرير في تفسيره (١١/ ٥٣٢)، عن ابن عباس ﵂ في تفسير قوله تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (٣٧» [النجم: ٣٧]- قال: "كانوا قبل إبراهيم يأخذون الولي بالولي، حتى كان إبراهيم فبلَّغَ: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨»، لا يؤخذ أحد بذنب غيره". (٢) وذلك في قوله تعالى: (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨» [النجم: ٣٨]. (٣) أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الترجل، حديث (٤٢٠٨)، والنسائي في سننه، في كتاب القسامة، حديث (٤٨٣٢)، وابن ماجة في سننه، في كتاب الديات، حديث (٢٦٧١). وصححه الألباني في صحيح الجامع (١/ ٢٨١)، حديث (١٣١٧). (٤) تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة، ص (٢٣١ - ٢٣٢) (٥) نقله عنه الحافظ ابن حجر في الفتح (٣/ ١٨٥)، وانظر: سبل السلام، للصنعاني (٢/ ٢٣٨).

1 / 162