Differences in Islamic Work: Causes and Effects
الاختلاف في العمل الإسلامي الأسباب والآثار
ناشر
الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات
اصناف
الاختلاف في العمل الإسلامي:
الأسباب والآثار
للشيخ الأستاذ الدكتور
ناصر بن سليمان العمر
أولًا: مقدمات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، فلا يخفى على كل مسلم بصير ما تعيشه أمة الإسلام من شتات وفرقة، واختلافات أوجبت عداوة وشقاق، إذ تجاذبت أهلها الأهواء، وتشعبت بهم البدع، وتفرقت بهم السبل، فلا عجب أن تراهم بين خصومة مذهبية، وحزبية فكرية، وتبعية غربية أو شرقية.. والنتيجة يخبر عنها قول المولى ﷿: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ .
وإذا كان المسلمون اليوم يلتمسون الخروج من هذا المأزق فلا سبيل إلاّ بالاعتصام بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، مجتمعين غير متفرقين، متعاضدين غير مختلفين.
1 / 1
ويكون ذلك بتوحيد الهدف والغاية مع حسن النية وسلامة القصد قال ابن القيم ﵀: "ووقوع الاختلاف بين الناس أمر ضروري لا بد منه لتفاوت إرادتهم وأفهامهم وقوى إدراكهم ولكن المذموم بغي بعضهم على بعض وعدوانه وإلا فإذا كان الاختلاف على وجه لا يؤدي إلى التباين والتحزب وكل من المختلفين قصده طاعة الله ورسوله لم يضر ذلك الاختلاف فإنه أمر لا بد منه في النشأة الإنسانية ولكن إذا كان الأصل واحدا والغاية المطلوبة واحدة والطريق المسلوكة واحدة لم يكد يقع اختلاف وإن وقع كان اختلافا لا يضر كما تقدم من اختلاف الصحابة فإن الأصل الذي بنوا عليه واحد وهو كتاب الله وسنة رسوله والقصد واحد وهو طاعة الله ورسوله والطريق واحد وهو النظر في أدلة القرآن والسنة وتقديمها على كل قول ورأي وقياس وذوق وسياسة". (١)
_________
(١) الصواعق المرسلة ٢ / ٥١٩.
1 / 2
والاختلاف موضوع الحديث هو: "نقيض الاتفاق. جاء في اللسان ما مفاده: اختلف الأمران لم يتفقا. وكل ما لم يتساوَ فقد اختلف. والخلاف: المضادة، وخالفه إلى الشيء عصاه إليه، أو قصده بعد أن نهاه عنه. ويستعمل الاختلاف عند الفقهاء بمعناه اللغوي وكذلك الخلاف" وبعض الفقهاء فرق بين الاختلاف والخلاف باصطلاحات خاصة، أما " (الافتراق) (والتفرق) (والفرقة) فبمعنى أن يكون كل مجموعة من الناس وحدهم. ففي القاموس: الفريق القطيع من الغنم، والفريقة قطعة من الغنم تتفرق عنها فتذهب تحت الليل عن جماعتها. فهذه الألفاظ أخص من الاختلاف". (١)
فليس كل اختلاف افتراق، وكل افتراق اختلاف، وليس شرطًا أن يكونا مذمومين على ما سيأتي بيانه وإن كان الغلب ذم أهل الفرقة والاختلاف.
_________
(١) الموسوعة الفقهية ٢ / ٢٩١.
1 / 3
أقسام الاختلاف:
الاختلاف ينقسم إلى أقسام عدة اعتبارات مختلفة يتباين الحكم عليها فمنها:
انقسام الاختلاف باعتبار حقيقة المسائل المختلف فيها فمنه:
1 / 4
١- اختلاف صوري، ومن قبيله اختلاف التفاوت كالذي يكون في الكلام فيكون بعضه بليغًا وبعضه دون ذلك، ومنه كذلك اختلاف التلاؤم الذي يكون في الكلام، ومن قبيله كذلك اختلاف التنوع وهو "أن يذكر كل من المختلفين من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع، لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه. مثال ذلك تفسير قوله تعالى: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ﴾ قال بعضهم: السابق الذي يصلي أول الوقت، والمقتصد في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار. وقيل: السابق المحسن بالصدقة، والمقتصد بالبيع، والظالم بأكل الربا. واختلاف التنوع في الأحكام الشرعية قد يكون في الوجوب تارة وفي الاستحباب أخرى: فالأول مثل أن يجب على قوم الجهاد، وعلى قوم الصدقة، وعلى قوم تعليم العلم. وهذا يقع في فروض الأعيان، وفي فروض الكفايات، ولها تنوع يخصها، وهو أنها تتعين على من لم يقم بها غيره: فقد تتعين في وقت، أو مكان، وعلى شخص أو طائفة كما يقع مثل ذلك في الولايات والجهات والفتيا والقضاء. قال ابن تيميه: وكذلك كل تنوع في الواجبات يقع مثله في
1 / 5
المستحبات. قد نظر الشاطبي في المسألة، وحصر الخلاف غير الحقيقي في عشرة أنواع:
منها: ما تقدم من الاختلاف في العبارة. ومنها: أن لا يتوارد الخلاف على محل واحد. ومنها: اختلاف أقوال الإمام الواحد، بناء على تغير الاجتهاد، والرجوع عما أفتى به أولا. ومنها: أن يقع الاختلاف في العمل لا في الحكم، بأن يكون كل من العملين جائزا، كاختلاف القراء في وجوه القراءات، فإنهم لم يقرءوا بما قرءوا به على إنكار غيره، بل على إجازته والإقرار بصحته، فهذا ليس في الحقيقة باختلاف، فإن المرويات على الصحة لا خلاف فيها، إذ الكل متواتر. وهذه الأنواع السابقة تقع في تفسير القرآن، وفي اختلافهم في شرح السنة، وكذلك في فتاوى الأئمة وكلامهم في مسائل العلم. وهي أنواع - وإن سميت خلافا - إلا أنها ترجع إلى الوفاق". (١)
تنبيه الاختلاف الصوري: منه المذموم وهو ما وقع في باطل.
اختلاف حقيقي ومنه اختلاف التضاد وهو قسمان سائغ وغير سائغ ولعله تأتي الإشارة إليهما. (٢)
_________
(١) الموسوعة الفقهية ٢ / ٢٩٢-٢٩٣.
(٢) ينظر كذلك فقه الائتلاف لمحمود الخزندار ص٣٤.
1 / 6
ومن أقسام الاختلاف انقسام الاختلاف باعتبار ما يوجبه فمنه:
اختلاف يقتضي عداوة وشقاقا، ويقع في الاختلاف الحقيقي، كالاختلاف في الأصول المجمع عليها.
اختلاف لا يقتضي عداوة وشقاقا، ويقع في عامة الاختلاف الصوري وقد يقع في الاختلاف الحقيقي كالاختلاف في كثير من الفروع باجتهاد سائغ.
1 / 7
ومن أقسام الاختلاف انقسام الاختلاف باعتبار أثره فمنه:
١- اختلاف مؤثر في الأحكام والأعمال المترتبة.
٢- اختلاف نظري ذهني لا ينبني عليه شيء في أرض الواقع.
فالأول اختلاف مؤثر في العمل ومنه السائغ الذي لا يضر ومنه غير السائغ، والآخر من قبيل اختلاف السفسطائية هل البيضة قبل الدجاجة أم الدجاجة قبل البيضة! قال شيخ الإسلام: "وأما ما يحتاج المسلمون إلى معرفته فإن الله نصب على الحق فيه دليلا فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف وفى البعض الذي ضرب به موسى من البقرة وفى مقدار سفينة نوح وما كان خشبها وفى اسم الغلام الذي قتله الخضر ونحو ذلك فهذه الأمور طريق العلم بها النقل فما كان من هذا منقولا نقلا صحيحا عن النبي [ﷺ] كاسم صاحب موسى أنه الخضر فهذا معلوم وما لم يكن كذلك بل كان مما يؤخذ عن أهل الكتاب كالمنقول عن كعب ووهب ومحمد بن اسحق وغيرهم ممن يأخذ عن أهل الكتاب فهذا لا يجوز تصديقه ولا تكذيبه إلا بحجة" (١) وقال: "وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في مثل هذا كثيرًا..". (٢)
_________
(١) الفتاوى ١٣ / ٣٤٥.
(٢) الفتاوى ١٣ / ٣٦٧.
1 / 8
من أهم أقسام الاختلاف التي تحتاج إلى تحرير انقسام الاختلاف باعتبار مدح أصحابه وذمهم:
1 / 9
وقد حرر ذلك ابن القيم ﵀ في الصواعق حيث قال:"الاختلاف في كتاب الله نوعان:
أحدهما: أن يكون المختلفون كلهم مذمومين، وهم الذين اختلفوا بالتأويل وهم الذين نهانا الله سبحانه عن التشبه بهم في قوله: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا﴾ [آل عمران:١٠٥]، وهم الذين تسود وجوههم يوم القيامة وهم الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ [البقرة:١٧٦]، فجعل المختلفين كلهم في شقاق بعيد، وهذا النوع هو الذي وصف الله أهله بالبغي وهو الذي يوجب الفرقة والاختلاف وفساد ذات البين ويوقع التحزب والتباين.
1 / 10
والنوع الثاني: اختلاف ينقسم أهله إلى محمود ومذموم، فمن أصاب الحق فهو محمود، ومن أخطأه مع اجتهاده في الوصول إليه فاسم الذم موضوع عنه، وهو محمود في اجتهاده معفو عن خطئه، وإن أخطأه مع تفريطه وعدوانه فهو مذموم.
ومن هذا النوع المنقسم قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ﴾ [البقرة:٢٥٣]، وقال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ [الشورى:١٠] .
1 / 11
والاختلاف المذموم كثيرًا ما يكون مع كل فرقة من أهله بعض الحق فلا يقر له خصمه به، بل يجحده إياه بغيًا ومنافسة، فيحمله ذلك على تسليط التأويل الباطل على النصوص التي مع خصمه، وهذا شأن جميع المختلفين بخلاف أهل الحق فإنهم يعلمون الحق من كل من جاء به، فيأخذون حق جميع الطوائف ويردون باطلهم فهؤلاء الذين قال الله فيهم: ﴿فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [البقرة:٢١٣]، فأخبر سبحانه أنه هدى عباده لما اختلف فيه المختلفون.
وكان النبي يقول في دعائه: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.»
1 / 12
فمن هداه الله سبحانه إلى الأخذ بالحق حيث كان ومع من كان ولو كان مع من يبغضه ويعاديه ورد الباطل مع من كان ولو كان مع من يحبه ويواليه فهو ممن هدى لما اختلف فيه من الحق، فهذا أعلم الناس وأهداهم سبيلا وأقومهم قيلا وأهل هذا المسلك إذا اختلفوا فاختلافهم اختلاف رحمة وهدى يقر بعضهم بعضًا عليه ويواليه ويناصره، وهو داخل في باب التعاون والتناظر الذي لا يستغني عنه الناس في أمور دينهم ودنياهم، بالتناظر والتشاور وإعمالهم الرأي وإجلائهم الفكر في الأسباب الموصلة إلى درك الصواب فيأتي كل منهم بما قدحه زناد فكره وأدركته قوة بصيرته، فإذا قوبل بين الآراء المختلفة والأقاويل المتباينة وعرضت على الحاكم الذي لا يجور وهو كتاب الله وسنة رسوله وتجرد الناظر عن التعصب والحمية واستفرغ وسعه وقصد طاعة الله ورسوله فقل أن يخفى عليه الصواب من تلك الأقوال، وما هو أقرب إليه، والخطأ، وما هو أقرب إليه، فإن الأقوال المختلفة لا تخرج عن الصواب، وما هو أقرب إليه، والخطأ، وما هو أقرب إليه، ومراتب القرب والبعد متفاوتة، وهذا النوع من الاختلاف لا يوجب معاداة ولا افتراقًا في الكلمة ولا تبديدًا للشمل فإن الصحابة ﵃ اختلفوا
1 / 13
في مسائل كثيرة من مسائل الفروع كالجد مع الإخوة، وعتق أم الولد بموت سيدها، ووقوع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، وفي الخلية والبرية والبتة، وفي بعض مسائل الربا، وفي بعض نواقص الوضوء وموجبات الغسل، وبعض مسائل الفرائض وغيرها، فلم ينصب بعضهم لبعض عداوة، ولا قطع بينه وبينه عصمة، بل كانوا كل منهم يجتهد في نصر قوله بأقصى ما يقدر عليه، ثم يرجعون بعد المناظرة إلى الألفة والمحبة والمصافاة والموالاة، من غير أن يضمر بعضهم لبعض ضغنا، ولا ينطوي له على معتبة ولا ذم، بل يدل المستفتي عليه مع مخالفته له، ويشهد له بأنه خير منه وأعلم منه، فهذا الاختلاف أصحابه بين الأجرين والأجر، وكل منهم مطيع لله بحسب نيته واجتهاده وتحريه الحق". (١)
_________
(١) الصواعق المرسلة لابن القيم ٢ / ٢١٤-٢١٨.
1 / 14
وهذا النوع من الاختلاف بهذا المسلك الذي ذكره يراه بعض أهل العلم كالشاطبي ﵀ يرجع في الحقيقة إلى وفاق، "فإن الاختلاف في بعض المسائل الفقهية راجع إما إلى دورانها بين طرفين واضحين يتعارضان في أنظار المجتهدين، وإما إلى خفاء بعض الأدلة، أو إلى عدم الاطلاع على الدليل. وهذا الثاني ليس في الحقيقة خلافا، إذ لو فرضنا اطلاع المجتهد على ما خفي عليه لرجع عن قوله، فلذا ينقضي لأجله قضاء القاضي. أما الأول فإن تردده بين الطرفين تحر لقصد الشارع المبهم بينهما من كل واحد من المجتهدين، واتباع للدليل المرشد إلى تعرف قصده. وقد توافقوا في هذين القصدين توافقا لو ظهر معه لكل واحد منهما خلاف ما رآه لرجع إليه، ولوافق صاحبه. وسواء قلنا بالتخطئة أو بالتصويب، إذ لا يصح للمجتهد أن يعمل على قول غيره وإن كان مصيبا أيضا. فالإصابة على قول المصوبة إضافية. فرجع القولان إلى قول واحد بهذا الاعتبار. فهم في الحقيقة متفقون لا مختلفون. ومن هنا يظهر وجه التحاب والتآلف بين المختلفين في مسائل الاجتهاد ; لأنهم مجتمعون على طلب قصد الشارع، فلم يصيروا شيعا، ولا تفرقوا فرقا". (١)
_________
(١) الموسوعة الفقهية ٢ / ٢٩٥.
1 / 15
فلو نظرت هذا النوع من الاختلاف الذي حمده الشاطبي وابن القيم وغيرهم من أهل العلم وجدت الحمد منصبًا على اتفاق المختلفين في مراعاتهم قصد الشارع وطلبهم لمراده واتباعهم الدليل الذي ظهر منهم ومن هذه الجهة جاء مدح مثل هؤلاء المختلفين.
1 / 16
ويتبع للتقسيم الذي سبق نوع آخر من الاختلاف:
وهو وفاق في الحقيقة وهو اختلاف في الاختيار والأولى بعد الاتفاق على جواز الجميع كالاختلاف في أنواع الأذان والإقامة وصفات التشهد والاستفتاح وأنواع النسك الذي يحرم به قاصد الحج والعمرة وأنواع صلاة الخوف والأفضل من القنوت أو تركه ومن الجهر بالبسملة أو إخفائها ونحو ذلك فهذا وإن كان صورته صورة اختلاف فهو اتفاق في الحقيقة". (١)
_________
(١) الصواعق ٢ / ٢١٩.
1 / 17
والأصل ذم الخلاف وتجنبه، مادام اختلافًا حقيقيًا قد يسبب فرقة ويوقع في تعارض، وهذا ما دلت عليه نصوص الوحيين ففي السنة جاء النهي عن "الذرائع التي توجب الاختلاف والتفرق والعداوة والبغضاء كخطبة الرجل على خطبة أخيه وسومه على سومه وبيعه على بيعه وسؤال المرأة طلاق ضرتها وقال إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما سدا لذريعة الفتنة والفرقة ونهى عن قتال الأمراء والخروج على الأئمة وإن ظلموا وجاروا ما أقاموا الصلاة سدا لذريعة الفساد العظيم والشر الكبير بقتالهم كما هو الواقع فإنه حصل بسبب قتالهم والخروج عليهم من الشرور أضعاف أضعاف ما هم عليه والأمة في تلك الشرور إلى الآن". (١)
وأدلة القرآن كثيرة ومنها:
_________
(١) إغاثة اللهفان ص٣٦٩.
1 / 18
قال الله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ .
وقال سبحانه: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ .
1 / 19
وقال ﷿: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾ ﴿وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾ .
وقال سبحانه: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ﴾ .
1 / 20