Difference of Critics' Statements on Disputed Narrators with a Study of this Phenomenon with Ibn Ma'in
اختلاف أقوال النقاد في الرواة المختلف فيهم مع دراسة هذه الظاهره عند ابن معين
ناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
اصناف
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ. أما بعد:
فإن القارئ والدارس لأقوال النقاد في كتب الجرح والتعديل - الرجال - يلاحظ ظاهرة واضحة تكاد تشمل معظم الأئمة المكثرين في نقد الرجال، ألا وهي تعدد أقوالهم المختلفة في الراوي الواحد. وقد حاول العلماء والحفاظ من المحدثين وغيرهم كالأصوليين، معالجتها ودراستها فيما اصطلحوا عليه بـ (تعارض الجرح والتعديل) وذلك لصلتها الوثيقة، بل هي الأساس المعتمد عليه في الحكم على الرواة الذين يُؤَثِّر اجتهاد الناقد فيهم في الحكم على الأحاديث. واختلافهم هذا كاختلاف الفقهاء في الحكم على القضايا الفقهية وتعددها. قال الإمام الترمذي (ت٢٩٧هـ): "وقد اختلف الأئمة من أهل العلم في تضعيف الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم" (١) .
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (ت٧٢٨هـ) نحو هذا القول
فقال: "وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف مثل ما لغيرهم من سائر أهل العلم في علومهم" (٢) .
وقد صنف العلماء أئمة النقد؛ الرواة. إلى ثلاثة أقسام:
١- الرواة المتفق على تعديلهم وصحت أحاديثهم.
_________
(١) العلل الصغير ٥/٧٥٦ الملحق مع الجامع.
(٢) رفع الملام عن الأئمة الأعلام ص٧.
1 / 1
٢- والضعفاء والمتروكين الذين سقط الاستدلال بمروياتهم.
٣- والرواة المختلف فيهم، الذين تعددت أقوال النقاد في بيان أحوالهم، وترددوا في البتِّ، فيهم سواء مَنْ تشدد من الأئمة في توثيقه وتجريحه، ومن تساهل أو اعتدل منهم.
وتأتي أقوالهم في التوثيق أو التجريح تارة واضحة المعنى محددة الدلالة، وقد تتعدد وتتكرر ولكنها تدل على تعديل الراوي وتوثيقه أو توهينه بل تجريحه مثل قولهم: (لا بأس به)، (صدوق)، (صالح الحديث)، و(ثقة متقن)، (ثبت حجة)، (ثقة ثقة)، و(ليس بحجة)، (ليس بذاك)،
(يعرف وينكر)، و(متروك)، (ليس بثقة)، أو ترد الألفاظ عن الناقد نفسه، ومجموعة في لفظ واحد، التعديل والتجريح، وهذا يدل على ورعهم وخوفهم من قدحهم في راو ليس كما يبدو له، فيتردد في أمره، فيذكر التعديل والتوهين، أو لبيان حاله، والتفصيل في شأنه من خلال تلك العبارة أو اللفظة التي تبدو للناظر متناقضة. ولو ترجح عندهم التجريح بقرينة أخرى لحكموا بجرحهم، وكذلك لو ترجَّح عندهم التوثيق على ضوء قرائن التعديل لعدَّلوهم، وورود مثل هذه الألفاظ على القلة والندرة وهذه بعض النماذج:
١- قال يعقوب بن شيبة (ت٢٦٢هـ) في عبد الرحمن بن زياد بن أنعم (١): "ضعيف الحديث، وهو ثقة صدوق، رجل صالح"، وقال فيه ابن معين (ت٢٣٤هـ): "ليس به بأس وهو ضعيف ".
٢- وقال يعقوب أيضًا في الربيع بن صبيح (٢): "رجل صالح، صدوق ثقة، ضعيف جدًا".
_________
(١) ضعيف في حفظه (بخ د ت ق)، (ت١٥٦؟) .
(٢) صدوق سيئ الحفظ وكان عابدًا مجاهدًا (خت ت ق) (ت ١٦٠؟)، التقريب رقم (١٨٩٥) .
1 / 2
٣- وقال يعقوب بن سفيان (ت٢٧٧هـ) في محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري (١): "ثقة عدل، في حديثه بعض المقال، لَيِّن الحديث عندهم".
٤- وقال أبو حاتم الرازي (ت ٢٧٧هـ) في محمد بن الحسن بن زبالة (٢): "واهي الحديث، ضعيف الحديث، ذاهب الحديث، منكر الحديث، عنده مناكير، وليس بمتروك الحديث".
٥- وقال أبو زرعة الرازي (ت ٢٦٤هـ) في عمر بن عطاء بن وراز (٣): "ثقة لَيِّن ".
وقد تَرِد الأقوال متعددة ومختلفة لناقد واحد في الراوي نفسه، فينصُّ على توثيقه مرة، وتجريحه مرة أخرى، وقد سوَّغ العلماء ذلك الاختلاف بأن يكون ذلك الراوي عنده ثقة ثم يظهر منه ما يسوِّغ له تجريحه، كأن يحدِّث بحديث ضعيف ثبت عند الناقد ضعف طرقه، أو يعتمد على تجريح أحد أئمة النقد السابقين له، ويعول على تجريحه، أو يطرأ عليه طارئ من اختلاط أو عمى أو غير ذلك فيختل ضبطه ويضعف حفظه، فيجرِّحه، أو عكس ذلك يكون ضعيفًا في بداية أمره، ثم يقوى ويتنبه لمروياته وانتقاده للأحاديث الصحيحة منها، ويختار الرواة الثقات. وبناء على ذلك تتغير صورته عند الناقد الذي سبق تجريحه فيوثقه، وقد تناول الأئمة والحفاظ هذه القضية
- وهي "إذا اجتمع في شخص واحد جرح وتعديل" - في كتبهم، وما صنفه
_________
(١) صدوق سيئ الحفظ جدًا (٤) (ت١٤٨؟)، التقريب رقم (٦٠٨١) .
(٢) كذبوه (د) التقريب، رقم (٥٨١٥) .
(٣) ضعيف (د ق) من السادسة، التقريب رقم (٤٩٤٩) .
1 / 3
العديد منهم في كتب "مصطلح الحديث"، واختلفت أقوالهم وتعددت شروطهم؛ وخلاصة ذلك خمسة أقوال، يحتاج لعرضها مبحث خاص (١) .
وقد يزداد الأمر تعقيدًا فتكثر الأقوال، وتزيد على القولين المتضادين، وهذه الظاهرة واضحة جلية عند يحيى بن معين الذي شمل نقده بالجرح أو التعديل سائر الرواة تقريبًا، وتعددت مجالس نقده، وتكاثر رواة مادتها في الجرح والتعديل عنه.
ولأجل معالجة هذه الظاهرة عند ابن معين، خصصت هذا البحث؛ لدراستها ومحاولة الخروج بنتائج يستفيد منها الباحث عن الحكم في الرواة المختلف فيهم.
هذا وقد جعلت البحث في مقدمة وستة مباحث، تناولت في المبحث الأوّل: المصنفات المتعلقة بالموضوع.
وفي المبحث الثاني: نماذج من أقوال بعض النقاد المختلفة في الرّاوي الواحد.
وفي المبحث الثالث: نموذج لأحد الرّواة الّذين اختلفت أقوال النقاد فيهم.
وفي المبحث الرابع: التعريف بابن معين مع دراسة أقواله المختلفة في محمد بن إسحاق نموذجًا.
وفي المبحث الخامس: مواقف بعض الحفاظ من أقوال ابن معين المختلفة.
وفي المبحث السادس: بيان الخطوات المتبعة في الجمع والتوفيق بين أقوال ابن معين المختلفة في الرّواة.
وبالله التوفيق.
_________
(١) وانظر مقدمة ابن الصلاح ص٢٢٤، والكفاية ١/٣٣٣، الاقتراح ص٣٣٧، الخلاصة ص٨٩، شرح ألفية العراقي ص١٥١، نكت الزركشي ٣/٣٥٥، النكت الوفية (ل/١٢٠٢)، فتح المغيث ١/٣٠٦، تدريب الراوي ١/٣٠٩، توضيح الأفكار ٢/١٥٨، المغيث ١/٣٠٦.
1 / 4
المبحث الأول: مصنفات في الرواة المختلف فيهم
لقد عالج علماء الحديث كثيرًا من المعضلات التي تعترضهم في بحثهم عن الرواة، ومنها الرواة المختلف فيهم؛ لأنه يتوقف على معرفتهم الحكم على الأحاديث، لذا حاول بعضهم أن يجمعهم في مصنف أو أن يبين أسباب الاختلاف في الحكم عليهم، ولعل أقدم مصنف وصل إلينا من مصنفات الرواة المختلف فيهم هو كتاب أبي حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين البغدادي (ت ٣٨٥هـ)، وهو:
١- (ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه، فمنهم من وثقه، ومنهم من ضعفه، ومن قيل فيه قولان):
ولم يصل إلينا منه إلا قطعة واحدة، وهي محفوظة في مكتبة محمد بن يوسف بمدينة مراكش في المغرب
(١) .
٢- (الفضَّل من النقلة):
ذكر الإمام ابن حبان (ت ٣٥٤هـ) في كتابه المجروحين (٢) في ترجمة داود ابن الزبرقان كتابه (الفضل من النقلة) حيث قال: "وإنما نملي بعد هذا الكتاب كتاب (الفضل من النقلة) ونذكر فيه كل شيخ اختلف فيه أئمتنا ممن ضعفه ووثقه البعض، ونذكر السبب الداعي لهم إلى ذلك، ونحتجُّ لكل واحد، ونذكر الصواب فيه؛ لئلا نطلق على المسلم الجرح بغير علم ولا يقال فيه أكثر
_________
(١) حققه طارق عوض الله محمد عام ١٤١٠هـ القاهرة، ود. عبد الرحيم القشقري عام ١٤٢٠هـ الرشد، وحققه الشيخ حماد الأنصاري، ونشره د. عبد الباري الأنصاري ط أضواء السلف ١٤١٩هـ.
(٢) (١/٢٩٢) .
1 / 5
مما فيه إن قضى الله ذلك وشاءه". وكذلك ذكره في كتابه "الثقات" (١) وسمَّاه (الفصل بين النقلة)، ولعل هذا هو الاسم الصحيح للكتاب والله أعلم.
ولقد حاول الدكتور مبارك الهاجري أن يجمع الرواة الذين ذكرهم ابن حبان في المجروحين وأعادهم في الثقات فكان مجموعهم (١٥٩) راويًا (٢)، واستدرك عليه بعض الباحثين (٢٥) راويًا وذكرها على موقع ملتقى أهل الحديث في الشبكة العنكبوتية. وطريقة الدكتور الهاجري: أن يذكر ترجمة الراوي (المختلف فيه) من كتاب المجروحين ثم الثقات، وقد يخالف ذلك المنهج في بعض التراجم لأسباب خاصة (٣) .
٣- (الرواة المختلف فيهم):
للحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت ٦٥٦هـ)، ألحقه في آخر كتابه "الترغيب والترهيب"، واستغرق ذلك (١٥) صفحة (٤) .
_________
(١) (٦/٢٧) .
(٢) (الرواة الذين ترجم لهم ابن حبان في المجروحين وأعادهم في الثقات) للدكتور مبارك سيف الهاري ط١٤٢١هـ / ٢٠٠٠م.
(٣) المصدر السابق ص ٨.
(٤) الترغيب والترهيب ٤/٥٦٧-٥٨١.
1 / 6
المبحث الثاني: نماذج من اختلاف أقوال بعض النقاد في الراوي الواحد
حفظت دواوين الرجال في الجرح والتعديل طائفة كبيرة من الرواة اختلفت فيهم أقوال العديد من أئمة النقد فتارة يعدلونهم، أو يوثقونهم، وتارة يجرحونهم، أو يضعفونهم، وذلك حسبما يقفون عليه من مرويات أولئك الرواة، ودراسة أحوالهم في الأداء، والاطلاع على أصولهم للتثبت من ضبطها، تلك الأمور وغيرها تجعل الناقد مضطرًا إلى تغيير حكمه على الراوي، وقد يحكم عليه بنقيض الحكم الأول. وهذه نماذج لأقوال بعض النقاد المختلفة في الرواة أنفسهم:
أولًا: الإمام أحمد بن حنبل (ت ٢٤١هـ):
١- إسماعيل بن زكريا بن مُرَّة الخُلقاني الأسدي مولاهم أبو زياد الكوفي نزيل بغداد ولقبه شَقُوصا (ت ١٩٤هـ) وقيل قبلها (١):
- قال عنه في رواية عبد الله: "حديثه حديث مقارب" (٢) .
- وقال عنه في رواية عبد الملك الميموني (ت ٢٧٤هـ): " أما الأحاديث المشهورة التي يرويها فهو فيها مقارب الحديث، صالح، ولكنه ليس ينشرح الصدر له، ليس يعرف هكذا يريد بالطلب" (٣) .
- وقال عنه في رواية أحمد بن ثابت أبو يحيى: "ضعيف الحديث" (٤) .
_________
(١) صدوق يخطئ قليلًا/ع، التقريب رقم (٤٤٥) .
(٢) العلل رقم (٣٢٧٣)، الضعفاء للعقيلي (٨٤)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٢/٥٧٠، الكامل لابن عدي ١/٣١١، وتهذيب الكمال ٣/٩٣، الميزان ١/٢٢٨، بحر الدم ص٧٠.
(٣) سؤالات الميموني رقم (٤٧٥)، بحر الدم ص٧٠.
(٤) الكامل ١/٣١١، إكمال التهذيب لمغلطاي ١/١٧١، الميزان ١/٢٢٨، تهذيب التهذيب ١/٢٩٨.
1 / 7
- وقال عنه في رواية أبي داود: "ما كان به بأس" (١) .
- وقال عنه في رواية أبي العباس الفضل بن زياد - ثقة من المتقدمين عند أحمد -: "ثقة" (٢) .
٢- حفص بن سليمان الأسدي أبو عمر البزاز الكوفي الغاضري (ت ١٨٠هـ) (٣) .
- قال عنه في رواية عبد الله، وحنبل بن إسحاق: "متروك الحديث" (٤) .
- وقال عنه في رواية عبد الله: "صالح" (٥) .
- وقال عنه في رواية حنبل بن إسحاق: "ما كان به بأس" (٦) .
ثانيًا: أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي (ت ٢٦٤هـ):
١- الحكم بن عبد الله بن إسحاق بن الأعرج البصري (٧):
- سئل عنه فقال: "بصري ثقة" (٨) .
- وقال مرة أخرى: "فيه لين" (٩) .
٢- خطاب بن القاسم الحراني، قاضيها (١٠):
_________
(١) سؤالات أبي داود ص٣٦٦ رقم (٥٧١)، تاريخ بغداد ٦/٢١٦، تهذيب الكمال ٣/٩٤، الميزان ١/٢٢٨، بحر الدم ص٧٠.
(٢) المعرفة والتاريخ ٢/١٧٠، الكامل ١/٣١٢، تاريخ بغداد ٦/٢١٧.
(٣) متروك الحديث مع إمامته في القراءة / (ت عس ق)، التقريب رقم (١٤٠٥) .
(٤) الضعفاء للعقيلي (٣٣٥)، والجرح والتعديل ٣/٧٤٤، والكامل (٥٠٥)، وتهذيب الكمال ٧/١٣٩٠، والميزان ١/٥٥٨، وتهذيب التهذيب ٢/٧٠٠.
(٥) تاريخ بغداد ٨/١٨٧.
(٦) المصدر السابق.
(٧) ثقة ربما وهم من الثالثة، (م د ت س)، التقريب رقم (١٤٤٦) .
(٨) الجرح والتعديل ٢/١٢٠، وميزان الاعتدال ١/٥٧٦، وتهذيب التهذيب ٢/٤٢٩.
(٩) الجرح والتعديل ٢/١٢٠، وميزان الاعتدال ١/٦٥٦، وتهذيب التهذيب ٢/٤٢٩.
(١٠) ثقة اختلط قبل موته من الثامنة، (د س)، التقريب رقم (١٧٢٤) .
1 / 8
- سئل عنه فقال: "قاضي حران ثقة" (١) .
- وقال عنه: "منكر الحديث يقال إنه اختلط قبل موته" (٢) .
- وانظر أمثلة أخرى في (أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية) (٣) .
ثالثًا: أحمد بن شعيب النسائي (ت ٣٠٣هـ):
١- سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري الكوفي أبو المغيرة (ت ١٢٣هـ) (٤) .
- قال عنه: "سماك ليس بالقوي وكان يقبل التلقين" (٥) .
- وقال عنه: " ليس ممن يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث؛ لأنه كان يقبل التلقين " (٦) .
- وقال عنه: "ليس به بأس، وفي حديثه شيء" (٧) .
٢- إسماعيل بن مسلم العبدي أبو محمد البصري القاضي (٨):
- قال عنه: "لا بأس به" (٩) .
_________
(١) الجرح والتعديل ٢/١٢٠، وميزان الاعتدال ١/٦٥٦، وتهذيب التهذيب ٢/١٤٧.
(٢) تهذيب التهذيب ٣/١٤٦، وميزان الاعتدال ١/٦٥٦.
(٣) ٣/ص٩٦٦-٩٦٩.
(٤) صدوق، روايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأَخَرَة فكان ربما تلقن، (خت م٤)، التقريب رقم
(٢٦٢٤) .
(٥) السنن الصغرى ٨/٣١٩ رقم (٥٦٧٧) .
(٦) السنن الكبرى ٣/٣٦٨ رقم (٣٢٩٥) وفي تحفة الأشراف ٥/١٣٨: "وسماك إذا تفرد بأصل لم يكن حجة لأنه كان يلقن فيلقن"، وسير أعلام النبلاء ٥/٢٤٨، والميزان ٢/٢٣٣، وإكمال التهذيب لمغلطاي ٦/١٠٩، وتهذيب التهذيب ٦/٢٣٤.
(٧) تهذيب الكمال ١٢/١٢٠، وسير أعلام النبلاء ٥/٢٤٧، وتهذيب التهذيب ٦/٢٣٤.
(٨) ثقة من السادسة، (م ت س)، التقريب رقم (٤٨٣) .
(٩) السنن الكبرى ٤ / ٤٤ رقم (٣٦٩٤) تحفة الأشراف ٨/ ١٩٠ رقم (١٠٨٥٣) .
1 / 9
- وقال أيضًا: "ثقة" (١) .
٣- عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري أبو سليمان المدني، (ت ١٧٢هـ) (٢):
- قال عنه: "ثقة" (٣) .
- وقال أيضًا: "ليس به بأس" (٤) .
- وقال أيضًا: "ليس بالقوي" (٥) .
رابعًا: علي بن المديني (ت ٢٣٤هـ):
١- عرعرة بن البِرِنْد السامي الناجي أبو عمرو البصري لقبه كُزْمان (٦):
- قال عنه فيما رواه محمد بن عثمان بن أبي شيبة (ثقة حافظ شهير،
ت ٢٣٩هـ): "كان عرعرة ثقة ثبتًا" (٧) .
- وفيما رواه العقيلي (ثقة، ت ٣٢٢هـ): "ضعيف" (٨) .
٢- الأحوص بن حكيم بن عمير العَنْسي أو الهمداني الحمصي (٩):
_________
(١) تهذيب الكمال ٣ / ١٩٧.
(٢) صدوق فيه لين، (خ م د تم ق)، التقريب رقم (٣٨٨٧) .
(٣) تهذيب الكمال ١٧/١٥٦، والميزان ٢/٥٦٨، وتهذيب التهذيب ٦/١٩٠.
(٤) تهذيب الكمال ١٧/١٥٦، وتهذيب التهذيب ٦/١٩٠.
(٥) الكامل ٤/١٥٩٤، وتاريخ بغداد ١/٢٢٦، والمصادر السابقة.
(٦) صدوق يهم، من الثامنة (س)، التقريب رقم (٤٥٥٣) .
(٧) سؤالات محمد بن عثمان ص٥١.
(٨) الضعفاء ٣/٤٣٠.
(٩) ضعيف الحفظ، من الخامسة (ق)، التقريب رقم (٢٩٠) .
1 / 10
- روى ابن عدي بسنده إلى علي بن المديني أنه قال: "سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان ثور - أي ابن يزيد الكلاعي - عندي ثقة. قال علي: ثور عندي أكبر من الأحوص، والأحوص صالح" (١) .
- ثم عقب المزي على ذلك بقوله عن ابن المديني: "وقال في موضع آخر: والأحوص ثقة، وقال في رواية: لا يكتب حديثه " (٢) .
_________
(١) الكامل ١/٤٠٥.
(٢) تهذيب الكمال ٢/٢٩٢.
1 / 11
المبحث الثالث: نموذج لأحد الرواة الذين اختلفت أقوال النقاد فيهم
الإمام العالم الصدوق أسامة بن زيد الليثي مولاهم أبو زيد المدني (ت١٥٣هـ) (١)، "من كبار العلماء من أهل المدينة" (٢) . قال الذهبي: "وقد يرتقي حديثه إلى رتبة الحسن، استشهد به البخاري وأخرج له مسلم في المتابعات" (٣)، وقال السخاوي: "وأخرج له مسلم في صحيحه متابعة، وأصحاب السنن، واستشهد به البخاري ولم يحتج به، وحديثه من قبيل الحسن" (٤) . قال ابن خلفون (ت ٦٣٦هـ): "هو عندي في الطبقة الثالثة من المحدثين، وهو حجة في بعض شيوخه وضعيف في بعضهم، ومن تدبر حديثه عرف ذلك" (٥) .
اختلف عدد من أئمة النقد في أسامة بن زيد، وهم:
١- يحيى بن سعيد القطان (ت ١٩٨هـ) .
٢- يحيى بن معين (ت ٢٣٣هـ) .
٣- أحمد بن حنبل (ت ٢٤١هـ) .
٤- أحمد بن شعيب النسائي (ت٣٠٣هـ) .
_________
(١) صدوق يَهم، (خت م ٤) التقريب (٣١٧)، وسير أعلام النبلاء ٦/٣٤٢.
(٢) التحفة اللطيفة ١/٢٨٧ رقم (٣٨٢) .
(٣) سير أعلام النبلاء ٦/٣٤٣.
(٤) التحفة اللطيفة ١/٢٨٧ رقم (٣٨٢) .
(٥) إكمال مغلطاي ٢/٦٠.
1 / 12
٥- الحافظ الذهبي (ت ٧٤٨هـ) .
٦- الحافظ ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني (ت ٨٥٢هـ) .
وأكد هذا الأمرَ كلٌ من: أبو العرب محمد بن أحمد القيرواني
(ت ٣٣٣هـ) في كتابه الضعفاء حيث قال: "اختلفوا فيه، وقيل: ثقة، وقيل: غير ثقة" (١) . وأبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن القطان الفاسي (ت٦٢٨هـ) حيث قال في كتابه (الوهم والإيهام) إن مسلمًا ﵀ لم يحتج به إنما روى له استشهادًا كالبخاري، وأقره على ذلك ابن الموَّاق -محمد ابن يحيى القرطبي المراكشي (ت٦٤٢هـ) - قال أبو الحسن: "وهو مختلف فيه" (٢) .
قال الساجي - زكريا بن يحيى (ت ٣٠٧هـ) -: "اختلف أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في أسامة الليثي"
(٣) .
وإلى ذكر أقوال الأئمة ﵏ فيه:
١- يحيى بن سعيد القطان: قال ابن حبان في الثقات: "كان يحيى القطان يسكت عنه وفي نسخة: يكتب عنه" (٤)، فمن هذا الخطأ ظن البعض اختلاف قول يحيى القطان فيه، والصواب ما ذكره الدارقطني في سؤالات الحاكم له
رقم (٢٨٥) - وسماه مغلطاي بـ (التجريح والتعديل) -: "كان يحيى بن سعيد حدث عنه ثم تركه وقال: إنه حدث عن عطاء عن جابر أن النبي ﷺ قال:
_________
(١) إكمال مغلطاي ٢/٥٨.
(٢) بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام ٤/٨٤، ٥٢٠، ٣/٢١٦.
(٣) إكمال مغلطاي ٢/٦٠.
(٤) الثقات ٦/٧٤، وإكمال مغلطاي ٢/ ٥٧، وزاد في نقله عن ابن حبان "وهو مستقيم الأمر صحيح الكتاب"، وانظر التاريخ الكبير ٢/ ٢٢ مع الحاشية.
1 / 13
"منى كلها منحر" فقال يحيى: اشهدوا أني قد تركت حديثه. زاد حمزة السهمي في (سؤالات الدارقطني) قلت: فمن أجل هذا احتج به مسلم وتركه البخاري" (١) .
وفي "السؤالات الكبرى" للحاكم: وقد احتج به البخاري (٢) . وخالف ذلك في كتاب (المدخل) فقال: "روى له مسلم كتابًا لعبد الله بن وهب، والذي استدللت به في كثرة روايات له أنه عنده صحيح الكتاب، على أن أكثر تلك الأحاديث مستشهد بها أو هو مقرون في الإسناد. وقال البخاري: هو ممن يحتمل" (٣) . لذلك قال الذهبي: "اختلف قول القطان فيه" (٤) .
٢- أحمد بن شعيب النسائي (ت ٣٠٣هـ): قال النسائي عنه
- أسامة -: "ليس بثقة" (٥)، وقال أيضًا: "ليس بالقوي" (٦)، وفي نسخة من كتاب الجرح والتعديل للنسائي: "ليس به بأس" (٧) .
٣- أحمد بن حنبل ت (٢٤١هـ):
_________
(١) إكمال مغلطاي ٢/٥٧-٥٨، وتهذيب التهذيب ١/٢٠٩، وأصل النص في سؤالات الحاكم للدارقطني في الجرح والتعديل ص١٨٧ رقم (٢٨٥)، والحديث رواه أبو داود في سننه كتاب
المناسك / باب ٦٥ رقم ١٩٣٧، وسنن ابن ماجه في كتاب المناسك / باب الذبح حديث رقم (٣٠٤٨)، وأحمد في المسند ٣/ ٣٢٦، والدرامي رقم (١٨٨٦)، وابن خزيمة رقم (٢٧٨٧) .
(٢) كذا في إكمال مغلطاي والصواب ما ورد في سؤالات الحاكم.... ص١٨٧.
(٣) كذا في إكمال مغلطاي والصواب ما ورد في سؤالات الحاكم.... ص١٨٧.
(٤) المغني ١/١٠٣، وسير أعلام النبلاء ٦/٣٤٢.
(٥) الضعفاء للنسائي رقم (٥٣)، وقد قدمت النسائي لاعتبار معين.
(٦) الكامل ١/٣٨٥، والضعفاء للعقيلي ١/٩٦، وتهذيب الكمال ٢/٣٥٠، سير أعلام النبلاء ٦/٣٤٢، الميزان ١/١٧٤، المغني ١/٦٦، تهذيب التهذيب ١/٢٠٩.
(٧) إكمال مغلطاي ٢/٥٨.
1 / 14
قال عبد الله بن أحمد قال أبي: "روى أسامة بن زيد عن نافع أحاديث مناكير. قلت له: إن أسامة حسن الحديث. قال: إن تدبرت حديثه فستعرف النكرة فيها" (١) . وقال المروذي: "سألته (يعني أبا عبد الله) عن أسامة بن زيد، قال: الليثي أقوى من ذا يريد ابن زيد بن أسلم" (٢) . وقال أيضا: "قلت: (يعني للإمام أحمد) أسامة بن زيد يروي عن القاسم؟. قال: وهذا أيضا يحتمله الناس إلا أن يحيى القطان تركه " (٣) .
وقال أبو داود: "قلت لأحمد في أسامة بن زيد الليثي فقال: تركه بأَخَرَة، وسمعت أحمد يقول: يحيى ترك أسامة بأخرة، وذاك أن عثمان بن عمر ذاكره عنه عن عطاء.... حديث المناسك" (٤) .
وفي رواية الأثرم - أحمد بن محمد بن هاني (ت ٢٧٣هـ) -: "ليس بشيء" (٥) .
وقال عبد الله: "سئل أبي عنه فقال: هو دونه، وَحرَّك يَدَهُ" (٦) .
أي: أسامة بن زيد الليثي هو دون حاتم بن أبي صغيرة - ثقة - الذي سئل عنه أحمد قبل السؤال عن أسامة. والله أعلم.
وقد روى الإمام أحمد لأسامة بن زيد الليثي (٧٦) حديثًا في مسنده.
_________
(١) انظر: العلل (١٤٢٨) وأيضا (٥٠٣)، الجرح والتعديل ٢/٢٨٤ (١٠٣١) تهذيب الكمال ٢/٣٤٩، بحر الدم ص٦٢.
(٢) سؤالات الميموني رقم (٣٩٦)، بحر الدم ص٦٢.
(٣) سؤالات الميموني (٤٣٥)، بحر الدم ص٦٣.
(٤) سؤالات أبي داود رقم (١٩١) .
(٥) الجرح والتعديل ٢/١٠٣١، المغني ١/٦٦.
(٦) العلل رقم (١٤٧٢)، (١٤٧٣) .
1 / 15
٤- يحيى بن معين (ت ٢٣٣هـ): في رواية عباس الدوري وأحمد بن سعد ابن أبي مريم (ثقة) (١)، قال ابن الجوزي: "واختلفت الرواية عن يحيى، فقال مرة: ثقة صالح، وقال مرة: ليس به بأس. وقال مرة: ترك حديثه بأخرة" (٢) .
وقال ابن الجنيد - إبراهيم بن عبد الله الختلي (ت٢٦٠هـ) -: "مديني صالح ليس بذاك" (٣) . وقال في رواية الدارمي - عثمان بن سعيد
(ت ٢٨٠هـ) -: "ليس به بأس" (٤) . وقال الحافظ الذهبي منبهًا على وهم قد وقع في نسبة قول لابن معين: "وجاء عن يحيى بن معين أنه ثقة وجاء عنه قال: ترك حديثه بأخرة، وهذا وهم بل هذا القول الأخير هو قول يحيى، بن سعيد فيه" (٥) .
وبعد أن درس الحافظ الذهبي أقوال ابن معين خرج بنتيجة اتفق عليها اثنان من الرواة عن يحيى تمثَّلَتْ بقول الذهبي: "وقد روى عباس عن يحيى: ثقة، وروى أحمد بن أبي مريم عن يحيى: ثقة حجة، فابن معين حسن الرأي في أسامة" (٦) .
والحافظ الذهبي من النقاد المتأخرين، وقد شهد الحافظ ابن حجر له بأنه: "من أهل الاستقراء التام في الرجال" وقد اختلفت أقواله في أسامة الليثي: فقال عنه في المغني: "صدوق يهم، اختلف قول القطان فيه "
(٧) .
_________
(١) التاريخ ٢/٢٢، الجرح والتعديل ٢/٢٣٥، الكامل لابن عدي ١/٣٨٥، وتهذيب الكمال ٢/٣٥٠.
(٢) الضعفاء والمتروكين ١/٩٦، ونقل المزي في تهذيب الكمال ٢/٣٥٠.
(٣) سؤالات ابن الجنيد ص٤٠٢ رقم (٥٤٧) .
(٤) تاريخ الدارمي ص٦٦ رقم (١١٨) .
(٥) سير أعلام النبلاء ٦/٣٤٣.
(٦) المصدر السابق.
(٧) المغني ١/١٠٣.
1 / 16
وقال عنه: "صدوق فيه لين يستر" (١) .
وقال أيضًا بعد كلام النقاد فيه: "وقد يرتقي حديثه إلى رتبة الحسن، استشهد به البخاري، وأخرج له مسلم في المتابعات" (٢) .
وقال عنه: "الليثي لا العدوي، صدوق قوي الحديث، أكثر مسلم إخراج حديث ابن وهب عنه، ولكن أكثرها شواهد ومتابعات، والظاهر أنه ثقة، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي" (٣) .
ونقل في «الكاشف» قول الحاكم ولفظه: " ... أكثرها شواهد أو يقرنه بآخر، قال النسائي وغيره: ليس بالقوي" (٤) . وانتهى من تأليفه سنة ٧٢٠هـ، ولعل القول الفصل الذي نخرج به للحافظ الذهبي في أسامة الليثي هو ما ذكره في "سير أعلام النبلاء" والله أعلم.
٥- الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢هـ):
تعددت أقواله في هذا الراوي (أسامة) واختلفت أيضًا فقال فيه: "مختلف فيه، وعلق له البخاري قليلًا" (٥) . وقال عنه: "سيئ الحفظ" (٦) . وفي موضع آخر قال: "فيه مقال" (٧) . وقال أيضًا: "صدوق في حفظه شيء، أخرج له
_________
(١) الديوان ص٢٥.
(٢) سير أعلام النبلاء ٦/٣٤٢. وقد صنفه في عام ٧٣٢هـ كما في الإشارة إليه في المقدمة ص٩٣.
(٣) من تكلم فيه وهو موثق ص٤١. لعله صنفه بعد ٧٢٤هـ.
(٤) الكاشف ١/٢٣٢ رقم (٢٦٣) .
(٥) هدى الساري ص٤٥٦.
(٦) فتح الباري ٣/٢١٠.
(٧) فتح الباري ٩/٤١١.
1 / 17
مسلم استشهادًا" (١) . وقال أيضًا في نقده لحديث من روايته: "وهو لين، وقال الدارقطني: تفرد عثمان بن عمر بهذه الزيادة، وقد رواه ابن وهب عن أسامة وهو أعلم الناس بحديثه" (٢) . وقال: "صدوق يَهِمُ" (٣) . ويبدو أن الحافظ ابن حجر اقتنع بعد دراسة أحواله ومروياته أن حديثه حسن فحسنه (٤) .
_________
(١) موافقة الخُبر الخبر ١/١٨٣.
(٢) الدراية ١/٢٤٣.
(٣) التقريب ص١٢٤ رقم (٣١٧) .
(٤) الإصابة ٧/٤٢٧.
1 / 18
المبحث الرابع: تعريف موجز بالأمام يحي بن معين
...
المبحث الرابع: تعريف موجز بالإمام يحيى بن معين.
هو (ع) يحيى بن معين بن عَوْن بن زياد المُرِّيُّ الغطفاني، أبو زكريا البغدادي الحافظ، مولى غطفان، إمام أهل الحديث في زمانه والمشار إليه من بين أقرانه، وهو كما وصفه الخطيب البغدادي: "كان إمامًا ربانيًا، عالمًا، حافظًا، ثبتًا، متقنًا" (١) اختاره الله ﷾ من بين رهط مبارك؛ لحفظ سنة نبيه ﷺ والذَّبِّ عنها، وجمع له ما حفظه اثنا عشر عَلَمًا من علماء الأمة في البصرة، والكوفة والحجاز (٢)، حتى أصبح متميزًا من بين خاصة أهل الحديث وأعلمهم بصحيح الحديث وسقيمه" (٣) .
تخصص يحيى بن معين بمعرفة الرجال حتى إذا اختلف أساطين العلم رجعوا إليه كما ورد عن علي بن المديني وأحمد بن حنبل (٤) . وجَنَّد نفسه من نعومة أظفاره وأفنى حياته وما يملك حتى توفاه الله ﷿ في خدمة حديث النبي ﷺ، فقد ورث عن أبيه "ألف ألف درهم وخمسين ألف درهم، فأنفقه كله على الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه" (٥) وكان يقول: "كتبت بيدي هذه ستمائة ألف حديث. قال أحمد - راوي الخبر -: وإني أظن أن المحدثين قد كتبوا له بأيديهم ستمائة ألف، وستمائة ألف" (٦) .
_________
(١) تاريخ بغداد ١٤/١٧٧.
(٢) تاريخ بغداد ١٤/١٧٧، وتهذيب الكمال ٣١/٥٥٠-٥٥١.
(٣) تهذيب الكمال ٣١/٥٥١.
(٤) تاريخ بغداد ١٤/١٨٢.
(٥) تاريخ بغداد ١٤/١٧٧، وتهذيب الكمال ٣١/٥٤٧.
(٦) المصادر السابقة.
1 / 19
ورحل كثيرًا في طلب الحديث، وكان صبورًا على طلب العلم، فهذا مظفر بن مُدْرِك الخراساني نزيل بغداد - ثقة متقن، كان لا يُحَدِّث إلا عن ثقة ت ٢٠٧هـ- كان أول من جاء إليه مع الإمام أحمد، ولم يحدِّثهم سنة شيئًا، فعدّوا الأيام، فلما تمت السنة جاؤوا فحدَّثهم" ومنه تعلم صنعة الحديث ومعرفة الرجال (١) .
وكان حريصًا على سؤال بعض الشيوخ الكبار في أول لقائه بهم والتعرف عليهم، فحينما قدم حران مع الإمام أحمد للقاء عبد الله بن محمد النفيلي - ثقة حافظ ت ٢٣٤هـ- سأله وهو يعانقه قال: "يا أبا جعفر. قرأت على معقل ابن عبيد الله عن عطاء (أدنى وقت الحائض اليوم؟) فقال له أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد - لو جلست؟ قال: أكره أن يموت أو يفارق الدنيا قبل أن أسمعه" (٢) . وكان يقول: "كتبت بيدي ألف ألف حديث، وكل حديث لا يوجد ها هنا - وأشار بيده إلى الأسفاط - فهو كذب" (٣) . ورغم هذا الكم الهائل من الحديث كان كما يقول ابن سعد: " ... وكان لا يكاد يحدث" (٤) .
ولعل السبب في ذلك ما ذكره أبو زرعة: "لم ينتفع بيحيى؛ لأنه كان يتكلم في الناس" (٥) .
_________
(١) تاريخ بغداد ٦/٢٩ (ترجمة إبراهيم الحربي)، نفسه ١٣/١٢٥ (ترجمة المظفر بن مدرك) .
(٢) الجامع لأخلاق الراوي.... ٢/٢٤١ القول في كتب الحديث على وجهه ...
(٣) تهذيب الكمال ٣١/٥٤٨، سير أعلام النبلاء ١١/٩٢، يعني بالأسانيد المكررة للمتن الواحد، ولأنه كان يكتب الحديث نيفًا وخمسين مرة - السير ١١/٩٢.
(٤) طبقات ابن سعد ٩/٣٥٧ والسير ١١/٩٢.
(٥) تاريخ الإسلام وفيات ٢٣١-٢٤٠ ص٤١١.
1 / 20