ذو النورین عثمان بن عفان
ذو النورين عثمان بن عفان
اصناف
1
فتعطوهم الذي لهم وتأخذوهم بالذي عليهم، ثم العدو الذي تنتابون فاستفتحوا عليهم بالوفاء.
ومن كتبه إلى الجباة:
أما بعد، فإن الله خلق الخلق بالحق، فلا يقبل إلا الحق. خذوا الحق وأعطوا الحق، والأمانة الأمانة، قوموا عليها، ولا تكونوا أول من يسلبها؛ فتكونوا شركاء من بعدكم إلى ما اكتسبتم، والوفاء الوفاء لا تظلموا اليتيم ولا المعاهد، فإن الله خصم لمن ظلمهم ...
وكتب على أمراء الأجناد:
أما بعد فإنكم حماة المسلمين وذادتهم، وقد وضع لكم عمر ما لم يغب عنا، بل كان على ملأ منا ... لا يبلغني عن أحد منكم تغيير ولا تبديل؛ فيغير الله ما بكم ويستبدل بكم غيركم، فانظروا كيف تكونون، فإني أنظر فيما ألزمني الله النظر فيه والقيام عليه ...
وبعض هذه الكتب يبدؤه ويختمه بذكر آيات من القرآن، تتوالى في بيان ما يدعوهم إليه وينهاهم عنه، وليست هي مما يكتبه مروان؛ لأنه لم يكن يحفظ القرآن حفظ عثمان، وليس ما تقدم من الوصايا بالذي يكتبه مروان غير مملى عليه ؛ لأنها هي الوصايا التي هي أحرى بحياء عثمان وألفته ووفائه ورحمته لليتيم وإيثاره الموادعة وكراهته اللجاجة في القصاص؛ لهذا نقول: إنها من أسلوبه الذي يوائمه رضي الله عنه، وأسلوبه ثمة هو ترجمان نفسه، فإن الرجل يكتب لغيره ليقنعهم بما يحس أنه مقنعه لو كتب إليه، وهذه كتابة عثمان لا كلفة فيها ولا محاولة ولا إطناب، إلا الدعوة القويمة في استقامة وسهولة وبساطة لا تقدر في الناس أنهم يخالفون ما وضح لهم واستقام بين أعينهم من الأمور، وكذلك كان عثمان يعقل ما يطيعه وما يطاع، وكذلك استجاب لدعوة أبي بكر حين دعاه إلى الإسلام، فما هو إلا أن اتجه ذهنه مستقيما إلى حقيقة الأصنام وحقيقة الإسلام حتى قال لصاحبه: نعم ... هو ذاك. •••
أما الخطابة فقد كانت على هذا النهج من الكتابة السهلة القويمة، وربما ارتج عليه فلا يبتئس لذلك ولا يزيد على أن يقول ما معناه: سيأتي القول حين الحاجة إلى القول.
ومن خطبه في أوائل الفتنة:
إن الناس يبلغني عنهم هنات وهنات، وإني والله لا أكون أول من فتح بابها وأدار رحاها. ألا وإني زام نفسي بزمام وملجمها بلجام ... ومناولكم طرف الحبل، فمن اتبعني حملته على الأمر الذي يعرف، ومن لم يتبعني ففي الله خلف منه وعزاء عنه. ألا وإن لكل نفس يوم القيامة سائقا وشاهدا: سائقا يسوقها على أمر الله وشاهدا عليها بعملها، فمن كان يريد الله بشيء فلييسر، ومن كان إنما يريد الدنيا فقد خسر ...
نامعلوم صفحہ