بين النجوم أناس قد رفعتهموا
إلى السماء فسدوا باب أرزاقي
ومن حبته الطلا أخلاق نشوتها
عدا على الكأس طورا أو على الساقي
وقد اتصلت أسبابي بالرجل أحمد باشا عبد الغفار بعد وفاة أبي. وكان هذا طبيعيا ففي حياة أبي كانت صلته مباشرة، ولم أكن أتصور أن أحمد باشا من أحسن الذين يقرءون الأدب، وله فيه ذوق رفيع وحس رقيق. وكان في جلسته متحدثا لبقا، وكان كأهلنا في القرى يروي الكثير من الوقائع، ومما رواه أن أحد وزراء الداخلية استدعاه في أحد الأيام، وهو بعد شاب في أول حياته السياسية، وكان يريد أن يتعرف رأيه في المرشحين بالمنوفية لمجلس النواب. وحين استقرت به الجلسة جاء سكرتير الوزير ليخبره أن أحد الباشوات الأثرياء بالخارج.
وقال الوزير: «ادخل.» ودخل الباشا، ثم التفت الوزير لأحمد عبد الغفار وقال: «عن إذنك يا أحمد بك.»
ونظر إليه أحمد عبد الغفار الفلاح الأصيل ذو الإباء والكرامة، وقال: «تقصد معاليك أن أخرج وأنتظر لتقابل معاليك سعادة الباشا، حتى إذا انتهى سعادته من حديثه أدخل أنا.»
فقال وزير الداخلية: «دا إذا سمحت.»
فقال أحمد باشا في صراحة الرجال: «لا يا أخي ما أسمحش أبدا، أنت مستدعيني تسألني عن ترشيحات المنوفية كلها الباشا القاعد قدامك هذا لو رشح نفسه في بيته لا يستطيع أن يحصل على صوته هو.»
وخرج الباشا، وأكمل أحمد عبد الغفار حديثه مع الوزير.
نامعلوم صفحہ