والرد على «ذكريات» لا يكون بتجريم صاحبها بل بكتابة ذكريات أخرى، لمن يريد وعاش نفس الفترة، وآلمته بعض المواقف، وفرح من مواقف أخرى؛ فالذكريات مجال خارج المدح والذم، والثواب والعقاب، بل هي شهادة للتاريخ على من يريد أن يعرف.
والصعوبة في الذكريات هي ما يظنه البعض أنها جمع بين العام والخاص؛ فلا يجوز للذكريات أن تتناول الحياة الخاصة لمن يتذكرهم صاحب الذكريات. أما إذا كان الخاص عاما، والعام خاصا فمن الضروري الجمع بين الاثنين باعتبار أن الخاص يعرفه الجميع مثل العام، أن صاحب الذكريات يعيش التجربتين معا؛ فالخاص لا يستحق الإخفاء، بل يظهر مثل العام، كما أن العام الذي يعرفه الجميع لا يستحق الإخفاء فما عرف قد عرف وما ظهر قد ظهر.
ونقد الذكريات لا يكون بإصدار أحكام خلقية خاصة فيما يتعلق بالمرأة، وخاصة إذا كان ذلك في الخارج في فترة التكوين والتحول من الحب العذري إلى ما بعده. وهو نقد يجعل الناقد أكثر أخلاقية من المنقود، ويجلب الشهرة عليه والتحية له باعتباره المدافع عن الأخلاق. وهل الأخلاق هي في العلاقة بالمرأة وحدها؟ أم أيضا بالسرقات العلمية، وتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، والتآمر بدعوى أن المتآمر ابن لفلان أو ابنة لآخر، والعمل في الخفاء لتعيين معيدة، والاتصال بالسفارات الأجنبية لبيان خطورة الرسالة على العلاقة بين الدولتين؟ وهل تكوين «شلل» للجماعة العلمية لا يعد جريمة خلقية؟
أليس الاستعلاء على الغير والتكبر جرائم علمية يستحق صاحبها الذم والاستنكار؟ أليست العزلة عن حياة الجماعة العلمية تخل عن أداء الواجبات العلمية؟
يبدو أن البيئة العامة ما زالت مخضبة بالجنس، يخفونه في الظاهر ويلمسونه في الباطن.
أليس النفاق، ومواجهة التلميذ للأستاذ في وجهه بالتحية والترحاب والاعتراف بحق الأستاذ ثم الذم من وراء ظهره بشكل عام ومن خلال وسائل الاتصال رذيلة خلقية؟
أليست علاقة بين أستاذ وطالبة نالت الجوائز العلمية على يديه دون أن تستحقها جريمة علمية وأخلاقية؟
إن الذكريات التي تكشف الستار أفضل من الذكريات التي تخفيها. وما يخص معروف يتحدث به الناس ولا يجرؤ أحد على الإفصاح عنه.
أليس استبعاد الجماعة العلمية من ترشيح أحد علمائها لجائزة الدولة التقديرية، وترشيح أستاذ آخر من جماعة علمية أخرى وفي نفس الوقت ترشيح جماعات علمية أخرى لنفس الأستاذ ونيله الجائزة؛ جريمة أخلاقية؟
أليس عدم ترشيح الجماعة العلمية لنفس الأستاذ لجائزة النيل وترشيح أستاذ آخر من جماعة علمية أخرى، وترشيح جماعات علمية أخرى لنفس الأستاذ لنيل الجائزة واستلامها؛ أليست جريمة أخلاقية؟
نامعلوم صفحہ