ذکری میاویہ لی واقعہ نزیب
الذكرى المئوية لواقعة نزيب: ٢٤ يونيو سنة ١٨٣٩–٢٤ يونيو سنة ١٩٣٩
اصناف
37
غادر فوزي باشا الأسطول - بعد أن انتقل من السفينة محمودية إلى السفينة فوزية - فاستقبله الضباط المصريون استقبالا فخما. ولما علم محمد علي بحضوره تقدم بنفسه إلى مدخل ردهة الاستقبال، وبمجرد ما رآه فوزي باشا انتزع سيفه، وسلمه إلى أحد الضباط المصريين، ثم صعد الدرج بسرعة وخر ساجدا أمام محمد علي وأراد تقبيل قدميه، إلا أن محمد علي رفعه وقال له: عفوا يا أخي. ثم عانقه ورحب به وأجلسه بجانبه، ثم قدم إليه الشبوق والقهوة، ولبث معه في خلوة نصف ساعة، بعدها استأذن فوزي باشا في الانصراف، فوضع محمد علي جواده الخاص تحت تصرفه. وفي يوم 16 يوليو استقبل محمد علي فوزي باشا وسبعين من كبار ضباط الأسطول العثماني، أرادوا انتزاع سيوفهم قبل دخولهم على محمد علي، فمنعهم محمد علي زيادة في التلطف، ولما مثلوا أمامه خطب فيهم قائلا: «يا أولادي، نحن كلنا أبناء أمة واحدة، لا يقول المصري: أنا مصري. والتركي: أنا تركي. تجمعنا كلنا جامعة واحدة هي جامعة الدين، وتربطنا كلنا رابطة واحدة هي رابطة الولاء لمولانا السلطان. إن عظمة السلطنة وقوتها يتوقفان على جمع كلمة أبنائها. حال السلطنة الآن غير مرض، فيجب علينا أن نوحد جهودنا لرفع شأن الدولة. ومن أعظم أماني أن أعمل على رفع شأن العرش وسعادة الأمة، وإني مخلص الإخلاص كله لمولانا السلطان قلبا وقالبا. إن السلطان جوهرة لا عيب فيها، لا يدنسها إلا المقربون من العرش، وأقصد بالمقربين من العرش خسرو باشا، الذي كان دائما شؤما على الدولة، إذا بقي متوليا شئون السلطنة كان مصيرها الخراب؛ فالواجب علينا جميعا أن نعمل يدا واحدة؛ لنحول دون تمكينه من الإضرار بالدولة.»
وقد بقي الأسطول العثماني رابضا في ثغر الإسكندرية مع الأسطول المصري إلى أن تم الصلح بين السلطان ومحمد علي. فأقلع في يوم 23 يناير سنة 1841 بقيادة ياور باشا، ووصل إلى إستانبول يوم 16 مارس بعد أن بقي في حوزة محمد علي سنة ونصفا.
ولتدرك أهمية موقعة نزيب من الناحية الحربية ومن الناحيتين السياسية والأدبية، حسبك أن تعرف رأي الجنرال فيجان
Weygand (الذي كان رئيس هيئة أركان حرب الماريشال فوش القائد العام لجيوش الحلفاء في الحرب الكبرى ) قال في كتابه:
A en juger par les résultats, la journée de Nézib apparalt comme la plus glorieuse des victoires remportées par les armées égyptiennes; certains auteurs l’ont comparée à Austerlitz. (Voir “Histoire militaire de Mohamed Ali et de ses fils”, p. 115, t. II)
ورأيه هذا يطابق آراء جميع رجال الحرب.
أما الناحيتان السياسية والأدبية فتدل عليهما الاستقبالات الفخمة والحفاوة العظيمة، التي استقبل بها سلطان تركيا وملوك أوروبا وكبار رجال السياسة فيها محمد علي باشا وإبراهيم باشا وسليمان باشا الفرنساوي، عندما سافروا إلى تركيا وإيطاليا وفرنسا وإنجلترا، وغيرها من البلاد في خلال سني 1845 و1846 و1847 و1848.
في أغسطس سنة 1846 سافر محمد علي باشا إلى إستانبول، فاستقبله السلطان استقبالا فخما جدا. حسبك أن تعرف أن نفقات رحلة محمد علي باشا في إستانبول بلغت 250000جنيه، أصاب الصدر الأعظم خسرو باشا منها 5000 جنيه، وقبل أن يعود إلى مصر عرج على «قولة» مسقط رأسه حيث زار قبر والديه، واستقبل أهله وإخوانه، وفيها أنشأ مدرسة وتكية.
ولما مرض محمد علي باشا، وأصبح عاجزا عن تولي سلطة الحكم في مصر، أصدر السلطان فرمانا بتولية ابنه إبراهيم باشا على مصر، وأرسل الفرمان إلى مصر مع مظلوم بك أحد رجال المابين، وبعد أن حضر مظلوم بك، وتلا الفرمان أمام أعضاء العائلة وأمام كبراء وعظماء الدولة، سافر معه إبراهيم باشا إلى إستانبول، فوصل إليها في 24 أغسطس سنة 1848، فاستقبله السلطان استقبالا فخما، وأنزله في السراي السلطانية في الجناح الذي نزل فيه والده من قبل. ولما مثل أمام السلطان سلمه البراءة، وقلده نيشانا رفيع الشأن مثل النيشان الذي ينعم به عادة على الصدور العظام، وأهدى إليه صورته مرصعة بالأحجار الكريمة، وبعد أن تمت الزيارة عاد إبراهيم باشا إلى مصر على ظهر الباخرة المصرية «بني سويف»، فوصل إلى ثغر الإسكندرية يوم 9 سبتمبر سنة 1848.
نامعلوم صفحہ