شيخ الإسلام وإمام الحفاظ في زمانه وحافظ الديار المصرية بل حافظ الدنيا مطلقا قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن أحمد بن الكناني العسقلاني ثم المصري الشافعي ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وعانى أولا الأدب ونظم الشعر فبلغ فيه الغاية ثم طلب الحديث من سنة أربع وتسعين وسبعمائة فسمع الكثير ورحل ولازم شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي وبرع في الحديث وتقدم في جميع فنونه حكي أنه شرب ماء زمزم ليصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ فبلغها وزاد عليها ولما حضرت العراقي الوفاة قيل له من تخلف بعدك قال ابن حجر ثم ابني أبو زرعة ثم الهيثمي وصنف التصانيف التي عم النفع بها كشرح البخاري الذي لم يصنف أحد في الأولين ولا في الآخرين مثله وتعليق التعليق والتشويق إلى وصل التعليق والتوفيق فيه أيضا وتهذيب التهذيب وتقريب التهذيب ولسان الميزان والإصابة في الصحابة ونكت ابن الصلاح وأسباب النزول وتعجيل المنفعة برجال الأربعة والمدرج والمقترب في المضطرب وأشياء كثيرة جدا تزيد على المائة وأملى أكثر من ألف مجلس وولي القضاء بالديار المصرية والتدريس بعدة أماكن وخرج أحاديث الرافعي والهداية والكشاف والفردوس وعمل أطراف الكتب العشرة والمسند الحنبلي وزوائد المسانيد الثمانية وله تعاليق وتخاريج ما الحفاظ والمحدثون لها إلا محاويج توفي في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ولي منه اجازة عامة ولا أستبعد أن يكون لي منه اجازة خاصة فإن والدي كان يتردد إليه وينوب في الحكم عنه وإن يكن فاتني حضور مجالسه والفوز بسماع كلامه والأخذ عنه فقد انتفعت في الفن بتصانيفه واستفدت منها الكثير وقد غلق بعده الباب وختم به هذا الشأن وأخبرني الشهاب المنصوري أنه شهد جنازته فلما وصل إلى المصلى أمطرت السماء على نعشه فأنشد في ذلك الوقت
( قد بكت السحب على
قاضي القضاة بالمطر )
( وانهدم الركن الذي
كان مشيدا من حجر )
هذا آخر ما وجد من ذيل طبقات الحفاظ للذهبي لشيخنا خاتمة الحفاظ الجلال السيوطي رحمة الله تعالى عليه وعلى مؤلف أصلها وقد اقتصر شيخنا في تراجم أهلها وترك جماعة ممن انتظم فيها وبين ذلك شيخه جد والدي الحافظ الرحلة تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي المكي في ذيله على طبقات السيد شمس الدين محمد بن علي الحسيني المسماة لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ وقد ذيلت عليه بحمد الله تعالى بمؤلف سميته تحفة الأيقاظ بتتمة ذيل طبقات الحفاظ وانتهت كتابة هذا الذيل في مجلسين آخرهما في يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الثاني عام أربع وأربعين وتسعمائة بتربة المعلاة علو مكة المشرفة على يد كاتبه وراقم حروفه الفقير إلى لطف الله تعالى محمد المدعو جار الله بن عبد العزيز بن عمر بن تقي الدين محمد بن فهد الهاشمي العلوي المكي الشافعي خادم الحديث الشريف بحرم الله المطهر المنيف لطف الله به والمسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين و على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
صفحہ 382