أما بعد فإنه لما كانت الأذهان مصروفة إلى معرفة أخبار من مضى، والإطلاع على أحوال من قضى الله له بما قضى، ليستفاد بذلك سيرة الطراز الأول والوقوف عند نص أحاديثهم التي بها يعتبر وعليها يعوّل، صنف الناس في ذلك كتبًا، وساروا بأفكارهم فجلبوا من أخبار الأمم حطبًا وذهبًا، ولما وقفت على بعض ما نصوه، وتأملت ما انبأوا به عن السالفين وقصّوه، رأيت اجمعها مقصدًا وأعذبها موردًا وأحسنها بيانًا وأصحها روايةً يكاد خبرها يكون عيانًا الكتاب المعروف بمرآة الزمان تأليف الشيخ الإمام شمس الدين أبي المظفّر يوسف سبط الإمام الحافظ جمال الدين عبد الرحمن ابن الجوزي ﵀ الذي ضمّنه ما علا قدره على كل نبيه، وفاق به على من يناويه، فشرعت في اختصاره وأخذت في اقتصاره فلما أنهيته مطالعةً وحررته اختصارًا ومراجعةً وجدته انقطع إلى سنة أر بع وخمسين وستمائة - وهي السنة التي توفي فيها المصنف ﵀ في أثنائها فأثرت أن أذيله بما يتصل به سببه إلى حيث يقدره الله تعالى من الزمان، مع أني لست من فرسان هذا الميدان، وربما ذكرت وقائع متقدمة على سنة بع وخمسين أو من تقدمت وفاته على سبيل الاستطراد أو لمعنى اقتضى ذلك ولعل بعض من يقف عليه ينتقد الإطالة في بعض الأماكن والاختصار في بعضها، وإنما جمعت هذا الذيل لنفسي وذكرت ما اتصل بعلمي وسمعته من أفواه الرجال ونقلته من خطوط الفضلاء والعمدة في ذلك لا علي واسأل من الله تعالى التوفيق والهداية إلى سواء الطريق بمنّه وكرمه وخفي لطفه.
1 / 2