هناك لذة المتذوق؛ تذوق الفن، وتذوق الرقص، وتذوق الأسلوب، وتذوق الأدب، وتذوق الفكر والفكرة، وتذوق الطعام والشراب، وتذوق الغيد الحسان. هذه لذات تطرب العقل والروح والوجدان، فتنقل المرء إلى طوفان من اللذات اللذيذة .
ما ألذ أن يخطب الشاب فتاة أحلامه ومحط آماله، ويقضي معها فترة الخطوبة في سعادة ونشوة، ثم يتزوجها فيهنأ بعيشة سعيدة! أما أولئك الأنذال الذين يطيلون فترة الخطوبة إلى عدة سنوات ثم يفسخونها، فأوغاد سفلة معدومو الضمير.
هل تصدق أن للأرق لذة؟ ترفض عيناك النوم لأنه ضرب من الكسل والتراخي والنعاس والموت. إنها لذة اليقظة والوعي والإدراك، بينما الناس نيام ملء جفونهم.
ما أجرأ ذلك الذي يكبت لذاته ويجترئ عليها ويحاول إخضاعها، فتثور عليه لذاته وتهلكه وتقضي عليه، وترسله إلى غياهب السجون.
حكيم هو من يحترم لذاته؛ حفاظا لذاته من الدهر ونكباته، وغدره وتقلباته.
القاموس لذتي الأولى والكبرى؛ فهو صديقي ومعلمي وخادمي ومنقذي ومرشدي وموجهي، ولعله يشعر بلذة مثلي وأنا أمسك به بين يدي في رفق وشوق وهيام، وحب واحترام، وهيبة وانسجام.
يحدثني قاموسي بلذة في كل كلمة يقولها لي، وفي كل معنى يطلعني عليه، وفي كل لفتة يشير بها إلي، وكل جديد مستحدث يضيفه إلى عقلي ومعلوماتي، يأتيني بالمرادفات والمضادات. لذات قاموسي لا تنتهي، وستبقى معي إلى أن يحين حيني وأنتهي. وفي هذا لذة أخرى أطرق أمامها وأنحني.
حتى الأميون يحترمون القاموس؛ فإذا ما أرادوا إظهار إجلالهم لشخص قالوا له: «أنت جاموسنا.» فيرد عليهم بقوله: «بس فين العجول اللي تفهم.» منتهى اللذة.
كلما أمسكت القاموس أنعم بلذة ضحكه مني لجهلي، وقصر معرفتي، وضآلة معلوماتي؛ فأضحك أنا نفسي، وأشعر بلذة سخريته مني، وأعجب من مقارنة نفسه بي؛ فهو بحر خضم، وأنا إلى جانبه قطرة.
لا يلذ لي التعامل مع تاجر يكتب على سلعة ما سعر 403 قروش؛ لأنه لا يراعي الكسب الحلال، وهو مائة في المائة مبالغ في ذلك السعر، وإلا لكتب 400 قرش، أو 425 قرشا مثلا، فيكون رقما معقولا.
نامعلوم صفحہ