ذخائر
الذخائر والعبقريات
ناشر
مكتبة الثقافة الدينية
پبلشر کا مقام
مصر
اصناف
وفي الحديث أيضًا: (الخيرُ أسرعُ إلى مُطعِم الطّعامِ مِنَ الشَّفْرةِ في سَنامِ البعير) الشفرة: السكين العظيمة العريضة وقال صلوات الله عليه: (ليس منّا من باتَ شبعانَ وضيفُه بطنُه طاوٍ). وقال تعالى في مدح القائم بخدمة ضيفه: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾؟ قيل وصفهم بذلك لأنه قام بخدمتهم بنفسه. . . ونزل ضيفٌ على جعفر بن أبي طالب، فتَخفَّفَ هو وغِلمانه عند نزولِه وعاوَنوه في حلوله، فلما أراد الارتحالَ عنهم لم يُعِنْه غِلمانُه، فشكاهم فقال: إن غِلمانَنا لا يعينون على الارتحال. . . وقالوا: أمدحُ بيتٍ قالته العرب قولُ حسان بن ثابت:
يُغْشَوْنَ حتى ما تَهِرُّ كلابُهُمْ ... لا يَسألونَ عن السَّوَادِ المُقْبلِ
يقول: قد أنِسَتْ كلابُهم بالزّوار فهي لا تَنْبَحُهم، وهم من شجاعتهم لا يسألون عن جيش يقبل نحوهم لقلّة اكتراثهم ولثقتهم ببسالةِ أنفسِهم وشدَّتهم على أعدائهم، ومثل هذا قول أبي تمام:
إذا اسْتُنْجِدُوا لم يسألوا مَنْ دَعاهُمُ ... لأيّةِ حربٍ أوْ لأيِّ مكانِ
أو تقول: لا يسألون عن السوادِ المقبل، أي أنّهم في سَعةٍ لا يَهولهم الجَمْعُ الكثير، لسَعَتِهم وسخائهم.
وقال إبراهيم بن هَرْمة من أبياتٍ في ابتهاجِ الكلبِ بالضّيف:
يَكادُ إذا ما أبْصَرَ الضّيفَ مُقْبِلًا ... يُكلِّمهُ مِنْ حُبِّه وهو أعجمُ
وقال حاتم الطائي وهو سيّد الأجواد بالطعام:
أُضاحِكُ ضَيْفي قبلَ إنْزالِ رَحْلِه ... ويُخْصِبُ عندي والمَحَلُّ جَديبُ
وما الخِصْبُ لِلأضيافِ أنْ يَكْثُرَ القِرَى ... ولكنّما وَجْهُ الكريمِ خَصِيبُ
1 / 130