Description of the Prophet's Prayer
أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم
ناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الأولى ١٤٢٧ هـ
اشاعت کا سال
٢٠٠٦ م
پبلشر کا مقام
الرياض
اصناف
أصلُ
صِفَةِ صَلاةِ النبيّ
ﷺ
مِنَ التكبير إلى التسليم - كأنك تراها -
" صَلُّوا كَمَا رَأيتمُوُني أُصَلِّي "
رواه البخاري
وهو الكتابُ المفرد (الأصل) كما وَصَفَهُ مُؤلفُهُ الشيخُ ﵀،
وهو الذي خَرَّجَ فيهِ أحاديثَهُ؛ مُسْتَقْصيًا ألفاظَها وطُرُقَها؛ وتَكَلَّم على أَسَانيدِهَا
وشَوَاهِدِهَا؛ حَسْبَما تَقْتَضِيهِ عُلُوم الحَدِيثِ الشَّرِيفِ وقَواعدِه
تأليف
فضيلة الإمام الشيخ المحدث الفقيه العلامة
محمد ناصر الدين الألباني
المتوفى سنة ١٤٢٠ هـ
رحمه الله تعالى
المجلد الأول
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
لصاحبها سعد بن عبد الرحمن الراشد
الرياض
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الناشر:
الحمد لله وحدَه، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده.
أما بعدُ: فنضع بين أيدي الإخوة القراء هذا الكتابَ المفرد الأصل،
والمنهج الفصل، الذي يجعل المسلم على بيِّنة من أمره في ركن عظيم من
أركان الإسلام، فيكون مطمئنَّ القلب واثقَ الإيمان بأنه امتثل أمرَه
الشريفَ ﷺ: "صَلُّوا كما رأيتموني أصلي ".
فهذا كتاب " صفة صلاة النبيّ ﷺ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها "،
لشيخنا المحدِّث الهُمَام، العلامةِ الإمام، ناصر السنة والإسلام، أبي
عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني، ﵀ وأَنزله أحسنَ المقام.
وهو أصلُ الكتاب الذي طُبع - سابقًا - حاملًا الاسمَ نفسَه، والذي نال
القَبول - بفضل الله تعالى -، وطُبع طبعاتٍ عديدةً عبر سنوات مديدة ...
وهو الكتاب الذي يذكره شيخُنا في كثيرٍ من كتبه ومؤلفاته بأسماءٍ مختلفة،
فهو: الكتابُ الأصلُ، وهو: شرحٌ وتخريجٌ وتعليق ...؛ ففي فهرس مؤلفاته
ومخطوطاته ذكره باسم " أصل صفة الصلاة "، وفي " الصفة " المطبوع، كثيرًا ما
يقول: " ... في " الأصل " "، وفي " صحيح أبي داود " قال: " أوردتها في
كتابنا المفرد: " صفة صلاة النبي ﷺ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها "،
ونحن الآن في صدد طبع متنه، وسيصدر قريبًا إن شاء الله تعالى، ونرجو أن
نوفق لطبعه مع شرحه وتخريجه ". (٣/٣١٣ ونحوه ٣٥٧) .
وقال في " الإرواء " (٢/٩): " وقد أوردتها في كتابنا الكبير " تخريج صفة
صلاة النبي ﷺ ". ونحوه في الصفحة (١٠ و١٦ و٣٤ و٦٢ و٧٠) . وفي
(ص ٨٠) قال: " فراجع تعليقنا على " صفة صلاة النبي ﷺ ". وسمعناه
يذكره باسم: " صفة الصلاة الكبير ".
1 / 3
فمقصود الشيخ ﵀ من هذا كلِّه هو كتابه هذا الذي بين يديك - أخي
القارئ الكريم! - وقد أثبتنا اسمه كما سمَّاه (١) مؤلفه الشيخ رحمه الله تعالى.
ومن متنه وتخريجاته المختصرة استخرج الشيخ كتابه المذكور " صفة صلاة
النبي ﷺ "، ومن هذا الأخير استخلص رسالته الصغيرة النافعة " تلخيص
صفة صلاة النبي ﷺ ".
وهذا الكتاب - رغم مرور سنوات طويلة على تأليفه، وقلة الإضافات
الحديثة عليه - معدودٌ ضمن أهمّ مراجع الشيخ ﵀ في كثير من
تخريجاته؛ يلمس هذا كل من تتلمذ على كتبه، وعَرَفَ مولّفاته.
ومع هذا؛ فإننا نعرف منه ﵀ أنه لم يكن ينشط لطباعته ونشره؛
لحاجته إلى مراجعة مطوَّلة، ودراسة مستفيضة؛ بعد تلك السنوات الطويلة،
وما طرأ فيها من أمور وأمور (٢) .
هذا وقد تجلت في هذا الكتابِ العُجابِ صنعةُ الشيخ الحديثية، وظهرت ملكته
الفقهية، التي حَبَاه الله إياها منذ نعومة أظفاره، واصطفاه بها على جميع أقرانه ...
ننظر في الكتاب فنرى هذا العَلَم الذي جعل قدوتَه سيدَ الأولين
والآخرين، فانتصر لسنته ﷺ أشدَّ الانتصار، واستظل بأقوال سلفه الكرام
الأطهار، الذين ساروا على سنة الحبيب المختار، فحقق المسائلَ، وأجاب
السائلَ، وجعل المرء على بينة من دينه وصلاته؛ كيف لا وقد أعاد لحديث
النبي ﷺ: " تركتكم على البيضاء؛ ليلها كنهارها ... " رونقه بعد أن كاد
التعصب الأعمى يُكَدِّره؟! وحاشاه - ما دام الله يحفظه -.
_________
(١) انظر مقدمة المؤلف (ص ١٩) . ثم رأينا إضافة كلمة (أصل) تمييزًا وتنبيهًا.
(٢) انظر مقدمة " صحيح الترغيب والترهيب " (ص ٣ -٩)؛ ففيها ما يوضح عذر الشيخ مما
ينطبق على هذا الكتاب أيضًا، ويغنى عن الذكر والإطالة.
1 / 4
جاء شيخنا ﵀ ليُظْهِرَ للجميع بالدليل العِلمي العملي أن الحق
واحد في أقوال العلماء، وأنه يجب على المسلم أن يدور مع الدليل حيث دار
- مع التزام التقدير والاحترام لجميع الأئمة الأخيار -، آتيًا بمقدمة ماتعة،
وطليعة رائعة، مستنيرًا بأقوال الأئمة المتبوعين ذوي الألباب، في وجوب
التزام هذا الطريق السديد، والسبيل الفريد، والمنهج الرشيد، لا كحال أولئك
المتمذهبين الجامدين، المقدِّمين قولَ إمامهم على قول إمام الأئمة الربانيين،
﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ﴾ !
سار الشيخ ﵀ على هذا المنهج العلمي المتين في جميع كتبه
ومؤلفاته؛ وبخاصةٍ في هذا الكتاب، وهو يُعلِّمُ الناسَ كيفية صلاة نبيهم ﷺ
- فما أكثرَ من يجهلها! - ويربطهم بشخصه ﷺ وهديهِ؛ فقد بيَّن لهم - بما
صحَّ -، ما لا مجال فيه للجدال والنقاش، فانقطع العذر عن كل أحد في ترك
سُنَّة أُثبتت في هذا الكتاب، وظهرتْ ظهورَ الشمس في رائعة النهار.
ولقد كان من فضل الله تعالى أن وفَّقَ الشيخَ ﵀ لإتمام هذا الكتاب
النافع، حيث إنه من أوائل ما كتب، وقد انتهى من تأليفه سنة ١٣٦٦ هـ
- كما جاء في خاتمة الكتاب -، وله من العمر حينئذٍ ثلاث وثلاثون سنةً
تقريبًا. أي: منذ ما يزيدُ عن نصفِ قرنٍ من الزمان.
وصفحات مخطوطة الكتاب جيدة بصورة عامة، إلا بعضَ المجموعات في
أوَّلها - وهي من النوع الشفَّاف -؛ فهي تالفةُ الأطراف جدًّا، لا سيما المقدمة؛
لكنْ - بفضل الله تعالى -، وجدنا الشيخ ﵀ قد بيَّضها بخطه الواضح
الجميل، وزاد عليها، وهي نفسها التي جعلها مقدمة كتابه المعروف " صفة
صلاة النبي ﷺ " (١) .
_________
(١) وما قد يمر بالقارئ في هذه المقدمة من تحسينات أو إضافات تُشير إلى جِدّتِها؛ فهي مما
أضافه الشيخ عليها عبر الطبعات المختلفة.
1 / 5
أما بقية الأوراق التالفة أطرافُها؛ فقد عملنا على تَرْميمِها وإصلاحها،
وبفضل الله تعالى كان أغلب التلف في الحواشي الخالية من الكتابة، وما
ناله التلفُ - على قِلَّته - استطعنا تداركه بطرق مختلفة؛ فلم نخسر شيئًا مما
كتبه الشيخ ﵀ ولله الحمد -.
وأمّا الخط فهو مكتوب بالحبر السائل، دقيقٌ مقروءٌ بصفة عامة، إلا في بعض
المواضع من الصفحات الشفافة المشار إليها آنفًا، فكان يُقرأ بشيء من الصعوبة.
هذا، وقد وجدنا بعض الورقات المُبَيَّضة عن أصل الشيخ ﵀،
مرقمةً زوجيًا من (ص ١٢ - ١٦) بورق أَحْدَثَ من الورق الأصلي - وهي تقابل
هنا (ص ٥٨ - ٧٧) -، وعليها بعض الملاحظات والتعديلات بخطِّ الشيخ
﵀، فيبدو أنه قد كلَّف أحدَهم بتبييضها من الأصل، فعدَّلنا الأصل
بعد صَفِّه وفقًا لها، ويا للأسف! فيبدو أن ما قبلها مفقود، وما بعدها مفقود
أيضًا، أو لم يتم. والله أعلم.
وفد قمنا بدراسة المخطوطة دراسة دقيقة؛ فألحقنا الملاحق المضافة من
الشيخ في مواضعها، وتأكدنا من تتابع الأبحاث في المتون والحواشي، وقد
وجدنا ورقة ناقصة - وللأسف الشديد - هي (١٣) بترقيم الشيخ، ومادتها هي
المشار إليها هنا (ص ١٠٨ و١١٠) .
وأثناء صفِّ الكتاب راعيْنا اتباعَ أسلوبِ الشيخ في كتاباته المتأخرة، في
الجوانب الفنية؛ التحسينية والتزيينية، التي تُبْرِز المقاصدَ العلميةَ والشرعيةَ؛
كتنسيق الفقرات ببدايات واضحة، والطباعة بالحرف الأسود في مواضعَ
خاصَّةٍ، والتحلية بعلامات الترقيم ...، وغيرها مما يلمسه القارئ.
كما تجاوزنا عن الأخطاء من النوع الذي لا يسلم منه مؤلَّف، لا سيما في
عمل قديم كهذا لم يهيئه مولِّفه للطباعة والنشر، فصححناها دون تكثيرِ سوادِ
التنبيهِ عليها في الحواشي، وعدَّلنا ما وجدنا الشيخ متِّبعًا فيه لمذاهبَ قديمةٍ
1 / 6
في الإملاء على ما نعرفه منه اليوم.
وكل زيادة بين معقوفتين [] في التخريج والتعليق؛ فهي مما استدركناه
على الأصل، ونبهنا عليه؛ ما لم تكن هناك قرينة تدل على أنه استدراك من
الشيخ ﵀ على غيره أحيانًا.
أما ما قد يستدعيه الأمر من تعليق أو استدراك؛ فقد أثبتناه موثّقًا بعلامة
(*)؛ تمييزًا له عن تعليقات الشيخ الموثقة بالترقيم التسلسُلي (١)، (٢) ...
واضعينَ نصْبَ أعيننا عدمَ الإكثار من التعليقات والمداخلات إلا ما اضْطُررنا
إليه، مكتفين بالتذكير - هنا - أنه لم يكن من منهجنا في خدمة الكتاب
وإعداده للطباعة تحقيقُه والتعليق عليه.
إلا أننا اضْطُررْنا إلى شيء من ذلك حَسِبناه قَدْرًا يسيرًا؛ لكن الله تعالى
قدَّر فيه أمرًا دقيقًا ...
فهذا الكتاب مثْلَما هو كتاب علمي حديثي، فهو - أيضًا - كتاب فقهي
مختصٌّ بعبادةٍ عظيمةٍ؛ هي ركنٌ من أركان الإسلام، الصلاة، ممثلةً
بصلاته ﷺ، فكان لابد من معرفة آخر ما وصل إليه علمُ الشيخ ﵀
في هذا المجال، مع الأخذ بعين الاعتبار تلك السنوات الطويلة التي مرَّت على
تأليف الأصل، وبالمقابل معرفتنا بأن الشيخ ﵀ كان يُنقِّح ويزيد دائمًا
في كتابه المطبوع " الصفة " طبعةً بعد طبعة، فلا بد إذًا من وجود فروقات
مُهمَّة يجب استدراكُها في هذا (الأصل)، مما جعل الأمر يتأكّد عندنا أنّنا
لسنا في صدد إخراج كتاب تراثي، وإنما مرادُنا الأوحد إخراج كتاب علمي
فقهيٍّ، يستفيد منه القارئ والباحث - ويُفيد - وهو مطمئن أن هذا ما انتهى
إليه علمُ الشيخ في كتابه هذا.
وكان من فضل الله علينا أن يسَّر لنا اتباعَ أسلوبٍ دقيقٍ يحافظ على
الأصل - كما هو - من جهة، ويكمله - علمًا وفقهًا - من جهة أخرى ...
1 / 7
ففد قمنا بمقابلة متن " الأصل " على متن " صفة الصلاة " طبعة مكتبتنا /
مكتبة المعارف، لكونها آخرَ طبعة بإشراف الشيخ ﵀، وأثبتنا كلَّ
الزيادات التي انفرد بها المطبوع بين العلامتين ﴿﴾ مع حواشيها إن وجدت،
وتعديل العبارات التي عدَّلها الشيخ فيه خلال طبعاته المتتالية، ناظرين لهذا
النوعِ من باب ما يعدِّله الكاتب - عادة - في أسلوبه لغايات مختلفة.
فمن أمثلة النوع الأول: زيادةُ: " يقول: " لا تصل إلا إلى سُترة، ولا تَدَعْ
أحدًا يمر بين يديك، فإنْ أبى؛ فلتقاتله؛ فإنَّ معه القرينَ ". و". مع حاشيتها
(ص ١١٥/ح (١» .
ومن أمثلة النوع الثاني: قوله (ص ١١٤): " وكان يقف قريبًا من السُّتْرة؛
فكان بينه وبين الجدار ثلاثةُ أذرع "؛ فقد كانت في الأصل: " وكان يقف قريبًا
من الجدار الذي بينه وبين القبلة، فيجعل بينه وبين الجدار قدر ثلاثة أذرع ".
وكذلك قمنا بالنظر في التعليقات والتخريجات المختصرة في " الصفة "؛
للاطلاع على ما جدّ عند الشيخ من مصادرَ وفوائدَ. وكانت لنا هنا وقفات؛
فإنه لا يخفى على الباحثِ المُجِدِّ أن الشيخ ﵀ قد أضاف على " الصفة "
في طبعاته المختلفة مصادرَ جديدةً متعدّدة من مطبوعات أو مخطوطات متنوّعة،
وكان تخريجه للأحاديث مختصرًا مجملًا، بينما هو في الأصل موسَّع
مفصَّل، فكان لا بدَّ من الرجوع إلى تلك المصادر، والنظر في الأسانيد والمتون؛
لإدراج المصادر في موضعها الصحيح. ولا نطيل الشرح هنا؛ فلقد كان الأمر دقيقًا
جدًّا، كاد أن يخرج بنا عن حدود عملنا في الكتاب؛ فما استطعنا الوصولَ
إليه بحثنا فيه ووضعناه في مكانه المناسب ضمن ﴿﴾، وما لم نستطعه
اكتفينا بالإشارة إليه في الحاشية، وقد حرصنا على الاختصار والدقة في هذا؛
فمن وجد غير ذلك؛ فليعذرنا.
وبالمناسبة نقول: إننا في كثير من الأحيان رصدنا أرقام المطبوعات الجديدة
1 / 8
التي عزا الشيخ فيها إلى مخطوطات، فألحقناها بها بين معقوفين؛ حفظًا
للجهد، وتيسيرًا على القارئ.
وكذلك ألحقنا الفوائد الزائدة والمضافة في مواضعها حسبما وجدناه
مناسبًا، وكذلك الردود العلمية التي في مقدمة " الصفة " ألحقنا كلًا منها في
موضعه المناسب. كما صححنا بعض أرقام العزو التي وجدناها خطأ، أو أرقامٍ
لطبعات قديمة جعلناها تُطابق الطبعات الجديدة لكتب الشيخ غالبًا - دون تتبع
لها جميعًا -.
هذا، وقد تيسر لنا الاطلاع على نسخة الشيخ الخاصة من " صفة الصلاة "
طبعة المعارف، ووجدنا فيها بعض التصحيحات والإضافات، فألحقناها،
ونبهنا على بعضها، وبقيتها جعلناها بين ﴿﴾؛ فكل ما بينهما مما ليس في
" الصفة " المطبوعة، فهو من نسخة الشيخ الخاصة.
وهناك ثلاثة مباحثَ لم يتناولها الشيخ ﵀ في هذا الأصل،
فأضفناها - بتمامها - من المطبوع، وأشرنا إلى ذلك تحت كل مبحث، وهي:
مبحث (الصلاة على المنبر - ص ١١٣)، و(النية - ص ١٧٤)، و(جواز الاقتصار
على ﴿الفَاتِحَة﴾ - ص ٤١١) .
ومقابل هذا وجدنا مبحثًا زائدًا في الأصل على " الصفة " المطبوع، وهو:
مبحث (اللباس في الصلاة - ص ١٤٥) . فأحببنا الإشارة إلى ذلك هنا.
وننبه هنا إلى أن الشيخ ﵀ كثيرًا ما يعزو في كتابه هذا إلى مواضعَ
سبق أو يأتي ذكرُها؛ فإن بعض هذه الواضع ليس بالضرورة عناوينَ بارزةً؛ انظر
مثلًا: (الرفع عند الركوعِ - ص ٧٠٨)، وغيرها، فليكن القارئ من هذا على
ذكر حتى لا يتكلفَ عناءَ البحث؛ فإنه قد لا يجد عنوانًا بتلك الصيغة؛ لكنه
سيعرفه حتمًا من العناوين الرئيسة.
ولتيسير هذا الأمر على القارئ بَيَّنَّا له الصفحة بين []- حيثما وجدنا
1 / 9
ضرورة لذلك - حتى يجد مقصوده بسرعة ودون عناء.
وأخيرًا؛ نذكر القارئ أننا وبسبب طبيعة هذا الكتاب وتقسيمه إلى متون
- مختصرة - وحواشٍ - مبسوطة -؛ رأينا تجميع متنه في ملحق خاص وضعناه
بُعيد خاتمة الكتاب؛ ليكون عونًا له على تصور صفة صلاته ﷺ من التكبير
إلى التسليم -، وكان بودنا أن نضيف إلى كتابنا هذا؛ ما في رسالة الشيخ
" تلخيص صفة صلاة النبي ﷺ " من فوائدَ زوائدَ، لا سيما ما صرح به من أحكام
على كثير من أعيان مسائلها من ركن أو واجب أو سنة ... لولا أنَّ التنبُّه إلى هذا
الأمر جاء في آخرِ مراحلِ عملنا؛ بحيث لم نستطع استدراكه في مواضعهِ.
وحسبُنا - ها هُنا - التذكيرُ بالرجوع إليها؛ فإنها نافعة في بابها، متممة
لهذا الأصل، وذاك الفرع.
ثم إننا ختمنا عملنا في هذا الكتاب بصنع فهارسَ علميةٍ، على نحو ما
كانت تُصنع في حياة الشيخ ﵀، وعلى عينه.
هذا ما وفّقنا الله تعالى إليه - بفضله وكرمه -، ونسأله سبحانه أن يَجْزيَ
خيرًا كلَّ من شارك معنا في إخراج هذا الكتاب إعْدادًا وصفًا وتصحيحًا
وتَدْقيقًا ...
ونسأله تعالى أن يتغمدَ شيخَنا المؤلفَ برحمته، ويُنعمَ عليه بغفرانه، وأن
ينفع بكتابه هذا، ويجعلَه من الأعمال التي لا ينقطع أجرُها عنه بإذن الله؛ إنه
ولي ذلك وهو المستعان، وهو ربنا وعليه التُّكْلان.
٢٧ رمضان ١٤٢٤ هـ
٢١ تشرين ٢ ٢٠٠٣م الناشر
1 / 10
صورة الصفحة الأولى من مخطوطة الكتاب
1 / 11
صورة الصفحة الأخيرة من مخطوطة الكتاب
1 / 12
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الكتاب
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، من يهده الله؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا
هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده
ورسوله.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنتُم مُسْلِمُونَ﴾
[آل عمران: ١٠٢] .
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلَيْكَمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١١] .
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١] .
الحمد لله الذي فرض الصلاة على عباده، وأمرهم بإقامتها وحسن أدائها،
وعلَّق النجاح والفلاح بالخشوع فيها، وجعلها فرقانًا بين الإيمان والكفر، وناهية
عن الفحشاء والمنكر.
والصلاة والسلام على نبينا محمد المخاطب بقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ
الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ (النحل: ٤٤)، فقام ﷺ بهذه الوظيفة حق
القيام، وكانت الصلاة من أعظم ما بيَّنه للناس قولًا وفعلًا؛ حتى إنه صلى
مرة على المنبر؛ يقوم عليه ويركع، ثم قال لهم:
1 / 13
" إنما صنعتُ هذا؛ لتأتموا بي، ولِتَعلَّموا صلاتي " (١) .
وأوجب علينا الاقتداء به فيها، فقال:
" صلوا كما رأيتموني أصلي " (٢) .
وبَشَّرَ من صلاها كصلاته أن له عند الله عهدًا أن يدخله الجنة، فقال:
" خمس صلوات افترضهن الله ﷿، من أحسن وضوءهن، وصلاهن
لوقتهن، وأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن؛ كان له على الله عهد أن يغفر
له، ومن لم يفعل؛ فليس له على الله عهدٌ، إن شاء؛ غفر له، وإن شاء؛
عذبه " (٣) .
وعلى آله وصحبه الأتقياء البررة، الذين نقلوا إلينا عبادته ﷺ وصلاته
وأقواله وأفعاله، وجعلوها - وحدها - لهم مذهبًا وقدوة، وعلى من حذا
حذوهم، وسلك سبيلهم إلى يوم الدين.
وبعد؛ فإني لمَّا انتهيت من قراءة (كتاب الصلاة) من " الترغيب والترهيب "
للحافظ المنذري ﵀ وتدريسه على بعض إخواننا السلفيين - وذلك منذ أربع
سنين -؛ تبين لنا جميعًا ما للصلاة من المنزلة والمكانة في الإسلام، وما لمن
أقامها وأحسن أداءها من الأجر، والفضل، والإكرام، وأن ذلك يختلف - زيادة
ونقصًا - بنسبة قربها أو بعدها من صلاة النبي ﷺ؛ كما أشار إلى ذلك بقوله:
_________
(١) [رواه] البخاري، ومسلم. وسيأتي في (القيام) بتمامه.
(٢) [رواه] البخاري، وأحمد. وهو مخرج في " إرواء الغليل " تحت الحديث (٢١٣) .
(٣) قلت: وهو حديث صحيح، صححه غير واحد من الأئمة. وقد خرجته في " صحيح
أبي داود " (٤٥٢ و١٢٧٦) .
1 / 14
" إن العبدَ ليصلي الصلاةَ؛ ما يُكْتَبُ له منها إلا عُشْرُها، تُسْعُها، ثُمْنُها،
سُبْعُها، سُدْسُها، خُمْسها، رُبْعُها، ثُلْثُها، نِصْفُها " (١) .
ولذلك فإني نبهت الإخوان إلى أنه لا يمكننا أداؤها حق الأداء - أو قريبًا
منه - إلا إذا علمنا صفة صلاة النبي ﷺ مفصَّلَةً، وما فيها من واجبات،
وآداب، وهيئات، وأدعية، وأذكار، ثم حرصنا على تطبيق ذلك عمليًا؛
فحينئذٍ نرجو أن تكون صلاتنا تنهانا عن الفحشاء والمنكر، وأن يُكتب لنا ما
ورد فيها من الثواب والأجر.
ولما كان معرفة ذلك على التفصيل يتعذر على أكثر الناس - حتى على
كثير من العلماء -؛ لتقيدهم بمذهب معين، وقد عَلِمَ كل مشتغل بخدمة
السنة المطهرة - جمعًا وتفقهًا - أن في كل مذهب من المذاهب سُنَنًا لا توجد
في المذاهب الأخرى، وفيها جَميعِها ما لا يصح نسبته إلى النبي ﷺ؛ من الأقوال
والأفعال، وأكثر ما يوجد ذلك في كتب المتأخرين (٢)، وكثيرًا ما نراهم يجزمون
_________
(١) صحيح. رواه ابن المبارك في " الزهد " (١٠/٢١/١- ٢)، وأبو داود، والنسائي بسند
جيد. وقد خرجته في " الصحيح " المذكور (٧٦١) .
(٢) قال أبو الحسنات اللكنوي في كتابه " النافع الكبير لمن يطالع الجامع الصغير " - بعد أن
ذكر مراتب كتب الفقه الحنفي، وما يُعتمد عليه منها، وما لا يُعتمد - قال (ص ١٢٢ - ١٢٣):
" كل ما ذكرنا من ترتيب المصنفات؛ إنما هو بحسب المسائل الفقهية، وأما بحسب ما فيها
من الأحاديث النبوية؛ فلا، فكم من كتاب معتمد - اعتمد عليه أجلَّةُ الفقهاء - مملوء من
الأحاديث الموضوعة! ولا سيما الفتاوى؛ فقد وضح لنا بتوسيع النظر أن أصحابها وإن كانوا من
الكاملين؛ لكنهم في نقل الأخبار من المتساهلين ".
قلت: ومن هذه الأحاديث الموضوعة؛ بل الباطلة - التي وردت في بعض كتب الأجِلَّة - حديث: =
1 / 15
..............................................................................
_________
= " من قضى صلوات من الفرائض في آخر جمعة من رمضان؛ كان ذلك جابرًا لكل صلاة
فاتته في عمره إلى سبعين سنة ". قال اللكنوي ﵀ في " الآثار المرفوعة في الأخبار
الموضوعة " - بعد أن ساق الحديث - (ص ٣١٥):
" قال علي القاري في " موضوعاته الصغرى "، و" الكبرى ": باطل قطعًا؛ لأنه مناقض
للإجماع، على أن شيئًا من العبادات لا يقوم مقام فائتة سنوات، ثم لا عبرة بنقل صاحب
" النهاية "، ولا بقية شراح " الهداية "؛ لأنهم ليسوا من المحدثين، ولا أسندوا الحديث إلى أحد
من المخرجين ".
وذكره الشوكاني في " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " بنحو هذا اللفظ، وقال:
" هذا موضوع بلا شك، ولم أجده في شيء من الكتب التي جمع مصنفوها فيها الأحاديث
الموضوعة، ولكنه اشتهر عند جماعة من المتفقهة بمدينة (صنعاء) في عصرنا هذا، وصار كثير
منهم يفعلون ذلك، ولا أدري من وضعه لهم! فقبح الله الكذابين ". انتهى. (الصفحة ٥٤) .
ثم قال اللكنوي:
" وقد ألَّفتُ لإثبات وضع هذا الحديث - الذي يوجد في كتب الأوراد والوظائف بألفاظ
مختلفة، مختصرة ومطولة بالدلائل العقلية والنقلية - رسالة مسماة: " ردع الإخوان عن
محدثات آخر جمعة رمضان "، وأدرجتُ فيها فوائد تنشط بها الأذهان، وتصغي إليها الآذان.
فلتطالع؛ فإنها نفيسة في بابها، رفيعة الشان ".
قلت: وورود مثل هذا الحديث الباطل في كتب الفقه؛ مما يسقط الثقة بما فيها من
الأحاديث التي لا يعزونها إلى كتاب معتبر من كتب الحديث، وفي كلام علي القاري إشارة
إلى هذا المعنى؛ فالواجب على المسلم أن يأخذ الحديث عن أهله المختصين به، فقديمًا قالوا:
" أهل مكة أدرى بشعابها "، و" صاحب الدار أدرى بما فيها ".
1 / 16
بعزو ذلك إلى النبي ﷺ (١)؛ ولذلك وضع علماء الحديث - جزاهم الله خيرًا - على
بعض ما اشتهر منها كتبَ التخريجات؛ التي تبين حال كل حديث - مما ورد فيها -
من صحة، أو ضعف، أو وضع؛ ككتاب " العناية بمعرفة أحاديث الهداية "،
و" الطرق والوسائل في تخريج أحاديث خلاصة الدلائل "؛ كلاهما للشيخ
عبد القادر بن محمد القرشي الحنفي، و" نصب الراية لأحاديث الهداية " للحافظ
الزيلعي، ومختصره " الدراية " للحافظ ابن حجر العسقلاني، و" التلخيص الحبير
في تخريج أحاديث الرافعي الكبير " له أيضًا، وغيرها؛ مما يطول الكلام بإيرادها.
أقول: لما كان معرفة ذلك على التفصيل يتعذر على أكثر الناس؛ ألَّفْتُ
لهم هذا الكتاب؛ ليتعلموا كيفية صلاة النبي ﷺ، فيهتدوا بهديه فيها، راجيًا
من المولى ﷾ ما وَعَدَنا به على لسان نبيه ﷺ:
" من دعا إلى هدى؛ كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص
ذلك من أجورهم شيئًا ... " الحديث.
رواه مسلم وغيره. وهو مخرج في " الأحاديث الصحيحة " (٨٦٣) .
_________
(١) قال الإمام النووي ﵀ في " المجموع شرح المهذب " (١/٦٠) ما مختصره:
" قال العلماء المحققون - من أهل الحديث وغيرهم -: إذا كان الحديث ضعيفًا؛ لا يقال
فيه: قال رسول الله ﷺ، أو فعل، أو أمر، أو نهى، وغير ذلك من صيغ الجزم. وإنما يقال في
هذا كله: رُوِيَ عنه، أو نُقلَ عنه، أو يُرْوَى، وما أشبه ذلك من صيغ التمريض. قالوا: فصيغ
الجزم موضوعة للصحيح والحسن. وصيغ التمريض لما سواهما؛ وذلك أن صيغة الجزم تقتضي
صحته عن المضاف إليه؛ فلا ينبغي أن يُطْلَق إلا فيما صح، وإلا؛ فيكون الإنسان في معنى
الكاذب عليه، وهذا الأدب أخَلَّ به المصنف، وجماهير الفقهاء من أصحابنا وغيرهم، بل
جماهير أصحاب العلوم مطلقًا، ما عدا حذَّاق المحدثين، وذلك تساهل قبيح؛ فإنهم يقولون
كثيرًا في الصحيح: روي عنه. وفي الضعيف: قال، وروى فلان. وهذا حَيْدٌ عن الصواب ".
1 / 17
سَبَبُ تأليفِ الكتابِ
ولما كنت لم أقف على كتاب جامع في هذا الموضوع؛ فقد رأيت من
الواجب عليَّ أن أضع لإخواني المسلمين - ممن هَمُّهُم الاقتداء في عبادتهم
بهدي نبيهم ﷺ كتابًا مستوعبًا - ما أمكن - لجميع ما يتعلق بصفة صلاة
النبي ﷺ من التكبير إلى التسليم؛ بحيث يُسَهِّل على من وقف عليه - من
المحبين للنبي ﷺ حبًّا صادقًا - القيام بتحقيق أمره في الحديث المتقدم:
" صلوا كما رأيتموني أصلي ".
ولهذا فإني شَمَّرت عن ساعد الجدّ، وتتبعت الأحاديث المتعلقة بما إليه
قصدت من مختلف كتب الحديث؛ فكان من ذلك هذا الكتاب الذي بين
يديك، وقد اشترطت على نفسي أن لا أورد فيه من الأحاديث النبوية إلا ما
ثبت سنده؛ حسبما تقتضيه قواعد الحديث الشريف وأصولُه، وضربت صفحًا
عن كل ما تفرد به مجهول، أو ضعيف؛ سواء كان في الهيئات، أو الأذكار،
أو الفضائل وغيرها؛ لأنني أعتقد أن فيما ثبت من الحديث (١) غُنيةً عن
الضعيف منه؛ لأنه لا يفيد - بلا خلاف - إلا الظن؛ والظن المرجوح، وهو كما
قال تعالى: ﴿لَا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم: ٢٨] . وقال ﷺ:
" إياكم والظنَّ! فإن الظنَّ أكذبُ الحديث " (٢) .
فلم يتعبدْنا اللهُ تعالى بالعمل به، بل نهانا رسول الله ﷺ عنه؛ فقال:
_________
(١) الحديث الثابت يشمل الصحيح والحسن عند المحدثين بقسميهما: الصحيح لذاته،
والصحيح لغيره، والحسن لذاته، والحسن لغيره.
(٢) البخاري، ومسلم. وهو مخرج في كتابي " غاية المرام تخريج الحلال والحرام " (رقم ٤١٢) .
1 / 18
" اتقوا الحديث عني؛ إلا ما علمتم " (١) .
فإذا نهى عن رواية الضعيف؛ فبالأحرى أن ينهى عن العمل به.
هذا، وقد سميت الكتاب:
" صفة صلاة النبي ﷺ من التكبير إلى التسليم كأنك تراها ".
وقد جعلته على شطرين: أعلى، وأدنى:
أما الأول: فهو كالمتن؛ أوردت فيه متون الأحاديث، أو الجمل اللازمة
منها، ووضعتها في أماكنها اللائقة بها، مؤلِّفًا بين بعضها؛ بحيث يبدو
الكتاب منسجمًا من أوله إلى آخره، وحرصت على المحافظة على نص
الحديث، ولفظه الذي ورد في كتب السنة، وقد يكون له ألفاظ؛ فأوثر منها
لفظًا لفائدة التأليف، أو غيره، وقد أضم إليه غيره من الألفاظ؛ فأنبه على
ذلك بقولي: (وفي لفظ: كذا وكذا)، أو: (وفي رواية: كذا وكذا) . ولم أعزُها
إلى رواتها من الصحابة إلا نادرًا، ولا بينت من رواها من أئمة الحديث؛
تسهيلًا للمطالعة والمراجعة.
_________
(١) صحيح. أخرجه الترمذي، وأحمد، وابن أبي شيبة. وعزاه الشيخ محمد سعيد
الحلبي في " مسلسلاته " (١/٢) للبخاري؛ فوهم.
ثم تبين لي أن الحديث ضعيف، وكنت اتبعت المناوي في تصحيحه لإسناد ابن أبي
شيبة فيه، ثم تيسر لي الوقوف عليه؛ فدا هو بَيِّن الضعف، وهو نفس إسناد الترمذي وغيره.
راجع كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (١٧٨٣)، وقد يقوم مقامه قوله ﷺ:
" من حدث عني بحديث يرى أنه كذب؛ فهو أحد الكاذبين ".
رواه مسلم وغيره. راجع مقدمة كتابي " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (المجلد الأول) . بل
يغني عنه قوله ﷺ: =
1 / 19
وأما الشطر الآخر: فهو كالشرح لما قبله؛ خرّجت فيه الأحاديث الواردة في
الشطر الأعلى، مستقصيًا ألفاظه وطرقه، مع الكلام على أسانيدها وشواهدها،
تعديلًا وتجريحًا، وتصحيحًا وتضعيفًا؛ حسبما تقتضيه علوم الحديث الشريف
وقواعده، وكثيرًا ما يوجد في بعض الطرق من الألفاظ والزيادات ما لا يوجد
في الطرق الأخرى؛ فأضيفها إلى الحديث الوارد في القسم الأعلى إذا أمكن
انسجامها مع أصله، وأشرت إلى ذلك بجعلها بين قوسين مستطيلين
هكذا: []، دون أن أنصَّ على من تفرَّد بها من المخرجين لأصله، هذا إذا كان
مصدر الحديث ومخرجه عن صحابي واحد، وإلا؛ جعلته نوعًا آخر مستقلًا
بنفسه - كما تراه في أدعية الاستفتاح وغيره -، وهذا شيء عزيز نفيس؛ لا
تكاد تجده هكذا في كتاب. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ثم أذكر فيه مذاهب العلماء حول الحديث الذي خرجناه، ودليل كل
منهم مع مناقشتها، وبيان ما لها، وما عليها، ثم نستخلص من ذلك الحق
الذي أوردناه في القسم الأعلى، وقد أُورِدُ فيه بعض المسائل التي ليس عليها
نص في السنة؛ إنما هي من المجتهد فيها، ولا تدخل في موضوع كتابنا هذا.
أسأل الله تعالى أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به إخواني
المؤمنين، إنه سميع مجيب.
_________
= " إياكم وكثرة الحديث عني! من قال عليّ؛ فلا يقولن إلا حقًّا، أو صدقًا، فمن قال عليّ
ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار ".
أخرجه ابن أبي شيبة (٨/٧٦٠)، وأحمد وغيرهما. وهو مخرج في " الصحيحة "
(١٧٥٣) .
1 / 20
منهج الكتاب
ولما كان موضوع الكتاب إنما هو بيان هدي النبي ﷺ في الصلاة؛ كان من
البدهي أن لا أتقيد فيه بمذهب معين؛ للسبب الذي مرَّ ذكرُه، وإنما أُورد فيه ما
ثبت عنه ﷺ كما هو مذهب المحدِّثين (١) قديمًا وحديثًا (٢) -، وقد أحسن من قال:
_________
(١) قال أبو الحسنات اللكنوي في " إمام الكلام فيما يتعلق بالقراءة خلف الإمام "
(ص ١٥٦) ما نصه:
" ومن نظر بنظر الإنصاف، وغاص في بحار الفقه والأصول متجنبًا الاعتساف؛ يعلم علمًا
يقينيًا أن أكثر المسائل الفرعية والأصلية التي اختلف العلماء فيها؛ فمذهب المحدِّثين فيها أقوى
من مذاهب غيرهم، وإني كلما أسير في شُعَب الاختلاف؛ أجد قول المحدِّثين فيه قريبًا من
الإنصاف، فلله دَرُّهم، وعليه شكرهم - كذا الأصل -، كيف لا؛ وهم ورثة النبي ﷺ حقًا،
ونواب شرعه صدقًا؟! حشرنا الله في زمرتهم، وأماتنا على حبهم وسيرتهم ".
(٢) قال السبكي في " الفتاوى " (١/١٤٨):
" وبعد؛ فإن أهم أمور المسلمين الصلاة، يجب على كل مسلم الاهتمام بها، والمحافظة على
أدائها، وإقامة شعائرها، وفيها أمور مُجْمَعٌ عليها؛ لا مندوحة عن الإتيان بها، وأمور اختلف
العلماء في وجوبها، وطريق الرشاد في ذلك أمران: إما أن يتحرى الخروج من الخلاف إن
أمكن، وإما ينظر ما صح عن النبي ﷺ؛ فيتمسك به، فإذا فعل ذلك؛ كانت صلاته صوابًا
صالحة داخلة في قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾ .
قلت: والوجه الثاني أولى؛ بل هو الواجب؛ لأن الوجه الأول - مع عدم إمكانه في كثير
من المسائل - لا يتحقق به أمره ﷺ:
" صلوا كما رأيتموني أصلي "؛ لأنه في هذه الحالة ستكون صلاته - حتمًا - على خلاف
صلاته ﷺ، فتأمل.
1 / 21