252

Defense Against the Rationalist Objection to Hadiths Related to Creedal Matters

دفع دعوى المعارض العقلي عن الأحاديث المتعلقة بمسائل الاعتقاد

ناشر

مکتبة دار المنهاج

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٥ م

پبلشر کا مقام

للنشر والتوزيع - الملكة العربية السعودية الرياض

اصناف

ولا أَدري ما الّذي ألجأ الإمام ابن عاشور -غفر الله له - إلى ركوب الصَّعب والذّلول لينفي أَثر سحر لبيد، ومن تأمَّل الحديثِ دعاه هذا التأمّل إلى لَفْظِ أَلفاظ هذا التأويل وعدم قَبوله، وذلك للأَسباب التالية:
الأَّول: أَنّ النبي ﷺ حينما شَعر بأثر السحر عليه دعا ربَّه فكان من دلائل استجابة الله له أن أرسل له ملكين، فكان مما ذكراه والنبي ﷺ يسمع أَنه مطبوب، وأَنَّ علة ذلك سحرُ لَبِيْدٍ، فكان المرضُ الّذي أَصاب النبي ﷺ مرتَّبًا على ذلك السبب الذي صنعه لبيد وسرى أَثره بإرادة الله تعالى =فكيف يقال بعد ذلك: إن المرض كان مُصادفة ومقارنًا لما عَمِلَه لبيد!، ودعواه بأَنَّ ما رآه ﷺ في الرُّؤيا من نصِّ المَلَكين على سبب مرضه لا يعتمد عليه؛ لكون الرُّؤيا جرت مجرى الرُّموز =لا برهان عليها، وسياق القِصَّة يُبطل ذلك. ومما يوضِّح أنَّ الرُّؤيا التي رآها النبي ﷺ لم تكن رموزًا بل هي جَليَّة:
الثَّاني: أنَّ الرَّسول ﷺ علم أَنَّ ربَّه أجاب دعاءه، وذلك بإخباره بعلَّة مرضه بواسطة الملكين اللَّذين أَخبراه بما صنع لبيد، ودليل استفادة النبي ﷺ من هذه الرُّؤيا علة مرضه =قوله ﷺ لعائشة ﵂: (أَشعرت أَن الله قد أَفتاني، فيما اسْتفتيته) وهذا يكشف استفادة النبي ﷺ من خَبر الملكين، وإِيقانه بأَنَّ الله أَجاب دعوته، وإلَاّ فما الجدوى من إخبار الله تعالى له ﷺ بعمل لبيد الّذي قد منع الله أَثره، وترْكه سبحانه بيان ما هو أعظم، والحاجة إليه أَشد =وهو بيان سبب مرض نبيه ﷺ؛ فانظر كيف قاد التنزيه البارد لجناب المصطفى ﷺ إلى الطعن في كمال علمه تعالى وحِكْمتِه، وتجهيل النبي ﷺ في فَهْمِهِ وحُسن ظنِّه بربِّه، فمثل هؤلاء كمن رام أَن يبني قصرًا فهدم مِصْرًا!!
ثمَّ إنَّ الرُّؤيا لم تكن من قبيل الرّموز التي لا تفهم إلاّ له ﷺ، وبرهان ذلك:

1 / 262