ثم دخل جيش الناكثين البصرة، فاجتمع الناس حولهم فقالوا لعائشة: يا أم المؤمنين! ما الذي أخرجك من بيتك ؟! قالت: قتل عثمان مظلوما، فاقتلوا قاتليه، وأعيدوا الأمر شورى كما فعل عمر(14)!
ثم إن أهل البصرة انقسموا قسمين: قسم مع عثمان بن حنيف، والقسم الآخر مع طلحة والزبير، ثم جاء جارية بن قدامة السعدي التميمي إلى عائشة فقال لها: يا أم المؤمنين! لقتل عثمان كان أهون علينا من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون، إنه كانت لك من الله تعالى حرمة وستر، فهتكت سترك، وأبحت حرمتك. إنه من رأى قتالك فقد رأى قتلك، فإن كنت يا أم المؤمنين أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك، وإن كنت أتيتنا مستكرهة فاستعتبي الله(15).
وكانت طائفة من بني تميم في البصرة قد سخطوا على عائشة وطلحة والزبير لنقضهم بيعتهم ومجيئهم إلى البصرة، ثم إن طلحة والزبير جاءا إلى دار الإمارة فطلبا من عثمان مغادرتها، فلم يقبل قولهما، ونشبت الحرب بينهم إلى الظهر، فقتل إثر ذلك 500 نفر من أصحاب عثمان بن حنيف وشيعة أمير المؤمنين عليه السلام من قبيلة عبد القيس، وقتل من جيش طلحة والزبير طائفة، ثم توسط الناس بين الفريقين فاصطلحا على أن ينزل طلحة والزبير ومن معهما حيث شاءا من البصرة دون أن يتعرض لهم أحد، وأن يكون لعثمان بن حنيف دار الإمارة ومسجدها وبيت المال حتى يقدم علي عليه السلام البصرة(16)، فعاد عثمان بن حنيف إلى دار الإمارة وأمر أصحابه أن يضعوا أسلحتهم ويعودوا إلى منازلهم(17).
لكن طلحة والزبير نقضا الصلح بعد يومين اثنين، فهاجما دار الإمارة ليلا ومعهم مروان بن الحكم، وكانت ليلة مظلمة مطيرة، فقتلوا من حراس عثمان أربعين نفرا، واقتادوا عثمان أسيرا(18).
وهجم عبدالله بن الزبير على بيت المال فقتل عدة نفر من حراسه وفيهم رئيس الحرس وهو رجل صالح يدعى أبا سلمة الزطي وأسروا نفرا منهم(19)، ثم جاءوا بالأسرى مكبلين فضربوا أعناق خمسين نفرا منهم(20).
صفحہ 68