فقالت مضطربة: مستحيل أن أسلمك لنقمة القضاء. - لم يبق إلا هذا السبيل لإنقاذ حياتك وعرشك. - وما الجدوى من الحياة بلا حب؟ وما لذة العرش بلا حبيب؟! وا لوعتاه. لا أسلمك للقضاء ولا لنقمة الهيكل إلا وأنا معك أتلقى هذه النقمة الهائلة بصدري لكيلا أراها منقضة عليك. آه دعني أعزي النفس في إبان يأسها.
ثم طوقت عنقه بساعديها وقالت: سأستكد قريحتي لاختراع وسيلة للفرج.
ثم فتحت الباب واستدعت أوجستينا، وقالت: ردي هذا المعتقل إلى كنه وعودي إلي.
فانحنت أوجستينا، وقادت المعتقل إلى الحجرة السرية حيث كان حبيسا. ولما عادت قالت الملكة: يلوح لي أن لهذا الفتى سرا عميقا، ولا بد من استخراج سره من صدره؛ لذلك يؤجل إعدامه لئلا يدفن سره معه. انتظري مني أمرا باستدعائه إلى قصري عسى أن أوفق إلى حيلة لاستقصاء أمره. - الأمر أمرك يا مولاتي. توفقنا إلى القبض على أسير آخر يا مولاتي. - أسير آخر؟ ماذا علمت من أمره؟ - ادعى أن حبيبته فرت من اضطهاد أهلها لأجله، ولجأت إلى الهيكل، فخاطبت رئيسة الكاهنات بشأنه عسى أن تكون دعواه صادقة، فطلبته الرئيسة إلى الهيكل لكي تعرضه على اللاجئات.
فبدا على الملكة بشر، وقالت: من يدري؟ ألا يحتمل أن يكون هذا هو المقصود بنبوءة الهيكل، أود أن تشددي النكير في التحقيق منه، ولا تثقي بدعواه هذه، فما هي إلا للتمويه.
وخرجت الملكة. وما لبثت أن طلبت ذات العذار إلى قصرها، فأرسلته أوجستينا مخفورا وهي تقول له: جرب سهامك حيث أنت ماض.
الفصل الرابع
ننتقل الآن إلى الهيكل، حيث نشاهد ألاعيب رئيسة الكاهنات في هذه الحوادث التي أحدثتها نبوءة الهيكل، وهناك نرى الرئيسة واقفة لدى المذبح تتمتم، وإذ دخلت عليها ملفينا كاتبة سرها، ودفعت إليها رسالة قائلة: هذه الرسالة كانت مع شرطيتين تحرسان معتقلة مغلولة.
فضت الرئيسة الرسالة التي أرسلتها إليها سيدة القضاء أوجستينا مع المعتقل الآخر كما علم القارئ. ثم قالت لملفينا: أدخلي المعتقلة إلى هنا.
فأدخلتها ملفينا وأمرتها الرئيسة أن تنتظر مع الشرطيتين أوامرها، ثم رفعت اللثام عن وجه الأسيرة، وارتدت إلى الوراء مبغوتة متجهمة، إذ رأت وجه الرجل المتنكر المعتقل، وقالت: من؟ الكاهن جيهول؟ ويحك! معتقل؟ لماذا؟ وأين ومتى؟! - في فندق التاجرات في هذا المساء. - لماذا عدت إلى الفندق؟ - لكي أتأكد اعتقال القمر الساطع. - أما تأكدت ارتداده قبيل الخسوف؟
نامعلوم صفحہ