وفي موضوعه، يضع الدكتور معروف ملحوظة تقول: «يلاحظ أن السيد فهمي هويدي استخدم الديمقراطية مقابل الشورى، وكأن الشورى نظام حكم واضح المعالم في الإسلام نظريا وتاريخيا. كما أن الدكتور حيدر عد الشورى أمرا دينيا فنعى على السيد فهمي هويدي استعماله.» ا.ه.
هويدي يستخدم الشورى بمعنى سياسي، والدكتور حيدر يرى أنها أمر ديني لا علاقة له بالسياسة، بينما الشورى فيما نرى لا هي من الدين ولا هي من السياسة، فهي ليست طرفا في صنع الدين؛ لأن الدين مفترض أنه قادم من عند الله حسبما يعتقد المؤمن. ولم تكن الشورى طرفا في وضع القوانين التشريعية الإسلامية، كذلك لم يستشر الله أحدا عندما وضع هذه التشريعات في شكل أوامر ونواه، ولم يستشر يوما أحد أنبيائه فيما يحلل أو يحرم، حسبما نفهم من الإيمان، وما على البشر إلا التعبد له بالطاعات والتنفيذ دون إبداء الرأي، كذلك لم تظهر في شرائع الديانات السابقة حالة شورى واحدة.
كذلك ليست الشورى شأنا من شئون السياسة؛ لأنها نصيحة تتم بين المتآلفين اجتماعيا، بينما السياسة هي صراع دائب لا يتوقف حتى بين الأصدقاء، وليس فيها تناصح بل فيها تفاوض يقرب وجهات النظر، ليتنازل كل طرف عن بعض مصالحه مقابل مكاسب أو سلام تنموي، أو بغرض تحاشي الحروب. أما الشورى فشأن إداري يدور بين أهل القبيلة أو الأسرة بحثا عن نصح سديد، وللباحث عن المشورة أن يأخذ بها أو يرفضها، وله أيضا ألا يستشير؛ فهو حر، والمشورة ليست واجبة على المستشار؛ فهو حر في تقديمها من عدمه. فالشورى لا تؤخذ من المعارضين، بينما المعارضة هي الأس العظيم للديمقراطية العلمانية.
وإذا كانت الشورى غير شريك في التشريع للناس، وأنها تنبثق عن الدين الإسلامي بحكم الآيتين، فإن الديمقراطية لم تنبثق عن أي دين؛ فلا وجه مقارنة أو مقاربة؛ فالديمقراطية لا تفضل دينا على دين، ولا علاقة لها بأي دين؛ لأنها ثمرة إنسانية بحتة لم تتدخل فيها السماء لا بالوحي ولا بنصوص؛ لذلك تجد جميع الأديان كبرى أو صغرى وثنية أو توحيدية، كلها سواء في نظر الديمقراطية، والديمقراطية لا تهدد أيا منها؛ لذلك قبلتها ديانات البشرية يهودية ومسيحية وشنتوية وبوذية وكنفوشيوسية؛ لذلك تجد التنافر بين الديمقراطية وبين المسلمين وحدهم نتيجة محاولة استبدالها ببديل إسلامي، لاعتقاد العقل المسلم أن كل ما يأتي من خارجه هو عدو بالضرورة وعدائي بالضرورة، وأن كل من لم يلبس عباءة الإسلام هو عدو لنا. •••
يقول الدكتور بشار عواد معروف: «إننا نعتقد إن الإسلام وضع قاعدة كلية اسمها الشورى حين أمر بالمشاورة؛ فالمشاورة بين المسلمين مأمور بها، ولكن الإسلام لم يضع التفاصيل كما هو حاله في كثير من الأمور، لتكون ملائمة لكل زمان ومكان، وليمكن تطويرها وتطوير مؤسساتها بحسب الحاجة؛ فالمجتمع الإسلامي يستطيع اليوم أن يضع القوانين والنظم والتعليمات الخاصة بالشورى بحسب ما يراه ملائما لعصره، دفعا للاستبداد بالرأي، من غير اعتبار للتطبيقات العملية التي مارسها الخلفاء والأمراء والحكام عبر العصور، لأنها كانت ملائمة لعصورهم، وليست أمورا دينية.» ا.ه.
تاني يا دكتور معروف؟
صالح لكل زمان ومكان تاني؟
نقول: ثور، تقولوا: احلبوه؟
مهما حلبنا الشورى لن تنتج مؤسسات ولا قوانين ولا نظما حسب عصرها أو حسب عصرنا. العقارب لا تحلب لبنا، مهما حلبنا فلن نحصل سوى على السم الناقع.
الدكتور يعلم أنها مجرد مشاورة لكنه يقول إنها مأمور بها، ورغم أنها بلا تفاصيل؛ أي بلا هيئات تقوم عليها وتصونها وتضمن تنفيذ شوراها ... إلخ؛ أي إنها معيبة وناقصة، بلا طعم ولا نكهة ولا رائحة، لكنه يرى ذلك هو سر الصلاحية لكل زمان ومكان.
نامعلوم صفحہ