وإن كان التحريم أوجه كما قلنا لما ورد أن الله يذكر عبده بمثل ما ذكره، وحال التحريم يماثله منه العقاب جزاءً وفاقًا، وأما الإباحة فتبعد وإن ادعاها الخادمي في نحو القيام والقعود إذ هي في ذاتها ذكر.
ــ
تثبت الحرمة؛ فإنها لا تجامعها، بخلاف الكراهة كما في صوم النحر (قوله: وإن كان التحريم أوجه) إن وصلية، والواو للحال، أو شرطية، والجواب محذوف؛ أي: فلا يقدح في وجاهة الكراهية (قوله: كما قلنا)؛ أي: في قوله على الأظهر، وعليه فقاعدة إذهاب الحسنات لسيئات لا العكس أغلبية؛ فإن بعض السيئات يذهب الحسنات كالرياء والعجب على ما يأتي، نعم يخف الأمر في الحرام العارض كوطء الحيض (قوله: يذكره عبده إلخ)؛ أي: يجازيه ويعامله بمثل الحال الذي ذكره عليه، ففي بعض الآثار: "يا داود. قل للظالمين لا يذكروني؛ فإنهم إن ذكروني ذكرتهم، وإن ذكرتهم مقتهم". (قوله: وأما الإباحة إلخ) مقابل لمحذوف؛ أي: أما الندب، والوجوب، والتحريم، والكراهة فقد علمتها، وأما الإباحة؛ أي: استواء الطرفين إلخ (قوله: من نحو القيام إلخ)؛ أي: مما ليس معتبرًا شرعًا من المباحات (قوله: إذ هي في ذاتها ذكر)؛ أي: وأقل مرتبه الندب وهو مطلوب الفعل، والمباح غير مطلوب الفعل فلا يفارقها الندب العام، وإن انتفى الندب الخاص، وقد يقال: المراد الإباحة من حيث
ــ
على السيئة، بدليل كثرة الكفارات من الطاعات للذنوب؛ ولذا كانت الحسنة بعشر والسيئة بواحدة، وناهيك بحديث بطاقة التوحيد، حيث ترجح في الميزان على سجلات كثيرة، والبسملة حسنة لأنها في ذاتها ذكر فلا يتسلط عليها ناموس السيئة حتى تنحط لرتبة التحريم، قصارى الأمر الكراهة للمجاورة، وقد رجح الكراهة شيخنا في حاشية الخرشي في مبحث تسمية الوضوء، تبعًا للشبرخيتي وغيره، ولم نتبعه لما علمت من قول بعضهم بالكفر، نعم ربما خف الأمر في الحرام العارض كالوطء في الحيض. (قوله: بمثل ما ذكره إلخ) فحال التحريم إعراض عن رض الله وملابسة لما يكرهه، والعقاب إبعاد للعبد وإيصال ما يكرهه إليه.
وقد روي "يا داود قل للظالمين لا يذكروني؛ فإنهم إن ذكروني ذكرتهم، وإذا
1 / 21