46

ڈیوڈ کوپرفیلڈ

ديفيد كوبرفيلد: أعدتها للأطفال أليس إف جاكسون

اصناف

قال ستيرفورث: «وشلن آخر لشراء البسكويت، وآخر للفاكهة، أليس كذلك؟ أرى أيها الصغير كوبرفيلد أنك ستبددها كلها!»

ابتسم ستيرفورث، ولم يملك ديفيد إلا أن يبتسم هو الآخر.

قال ستيرفورث: «حسن، يجب أن نقتصد غاية الاقتصاد في إنفاق هذه النقود؛ هذا كل ما في الأمر. وسوف أبذل أقصى ما بوسعي من أجلك. إنني أستطيع الخروج متى شئت، وسأهرب الطعام إلى هنا.» ثم وضع النقود في جيبه وقال لديفيد بلطف إنه سيحرص على أن يكون كل شيء على ما يرام.

كان ستيرفورث عند كلمته: فعندما صعدا إلى الطابق العلوي ليناما أخرج جميع ما اشتراه بالشلنات السبعة، وبسطه على فراش ديفيد تحت نور القمر، وقال: «هاك ما طلبت، أيها الصغير كوبرفيلد، وقد حصلت على مأدبة ملكية!»

لم يتصور ديفيد أن يحتفي هو بضيوف الوليمة في وجود هذا الفتى الذكي الوسيم، لذا توسل إلى ستيرفورث أن يترأسها بنفسه. أيد الأولاد الآخرون الذين في الغرفة رغبة ديفيد، فوافق ستيرفورث بلباقة عليها، وجلس على الوسادة، وراح يناولهم الكعك والفاكهة بنزاهة تامة حقا، ويوزع عصير التوت في كأس صغيرة من دون ساق، كانت كأسه هو؛ بينما جلس ديفيد على يساره، والتف الآخرون حولهما.

كانوا جميعا يتهامسون بالكلام؛ وكان ستيرفورث، إذا أراد أن يبحث عن أي شيء، يقحم عود ثقاب في قداحة فسفور ويشعل وهجا أزرق لا يلبث أن ينطفئ سريعا.

همس الأولاد للولد الجديد بكل شيء عن المدرسة؛ فعرفوه أن السيد كريكل هو أشد المديرين صرامة وقسوة؛ وأنه لم يكف يوما في حياته عن الضرب بعصاه يمنة ويسرة. وأخبروه أنه لجأ إلى العمل في مجال التعليم بعدما أفلس في تجارة نبات حشيشة الدينار (نبات يدخل في صناعة البيرة)، وأنه قد سرق أموال السيدة كريكل. وأخبروه كذلك أن الرجل ذا الرجل الخشبية، والذي يدعى تنجاي، كان يعمل في تجارة نبات حشيشة الدينار هو الآخر، وأن رجله قد قطعت أثناء عمله مع السيد كريكل. كما أخبروه أن السيد كريكل عنده ابن، وأن هذا الابن لم يكن على وفاق مع تنجاي، وأنه طرد بسبب اعتراضه على طريقة أبيه القاسية في التعامل داخل المدرسة؛ وأن الحزن مسيطر على السيدة والآنسة كريكل منذ ذلك الحين.

وقد سمع كذلك أن الأجر الذي يحصل عليه كل من السيد شارب والسيد ميل زهيد جدا؛ وأن السيد ميل لم يكن من نوع الرجال السيئين، لكنه لم يكن يملك نصف شلن ليسعد نفسه به؛ وأن العجوز السيدة ميل، والدته، قد بلغ منها الفقر ما بلغه من النبي أيوب. فتذكر ديفيد فجأة السيدة المسنة التي صاحت قائلة: «ولدي تشارلي!» عندما ذهب لطهي فطوره، لكنه لم يخبر الآخرين بهذا.

كما سمع ديفيد أيضا أن الأولاد كلهم يعتقدون أن الآنسة كريكل تحب ستيرفورث، وهو ما لم يستغربه على الإطلاق؛ وأن ستيرفورث طالب ذو امتيازات، وهو ابن سيدة غنية جدا، وأنه الولد الوحيد في المدرسة الذي لم يجرؤ السيد كريكل قط على أن يمد يده عليه. بعد ذلك تفرق الأولاد وذهبوا للنوم.

فكر ديفيد كثيرا في ستيرفورث بعدما ذهب إلى فراشه، ورفع نفسه مستندا على كوعه لينظر إليه وهو مضطجع تحت نور القمر ووجهه الوسيم للأعلى، ورأسه معتمد على ذراعه.

نامعلوم صفحہ