Darsat fi alsirah
دراسة في السيرة
ناشر
دار النفائس
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
١٤٢٥ هـ
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
دراسة الأصول القديمة لروايات حلف الفضول أن الحاجة إلى الأمن والاستقرار بعد حرب الفجار هي التي دفعت قبائل قريش إلى الاجتماع في دار عبد الله بن جدعان للتفاوض في أمر إحلال الأمن والسلام في مكة لأن حياة أهل مكة تقوم على الوافدين إليها من الحجاج والتجار، وأن الذي دعا إلى ذلك نفر من قريش وأن الذي تزعم الدعوة وتبناها وجمع بين الرؤساء هو عبد الله بن جدعان أحد أثرياء مكة «١» .
وفي الخامسة والثلاثين من عمره مارس ﷺ مهمة التحكيم في مسألة وضع الحجر الأسود. كانت قريش قد أجمعت أمرها على إعادة بناء الكعبة وتسقيفها بعد ما أصابها من السيول المنحدرة إليها من المرتفعات المجاورة، وبعد محاولة لسرقة محتوياتها من قبل نفر من قريش، وكانت الكعبة منضودة من حجارة بعضها فوق بعض من غير ملاط «٢» وكان البحر قد رمى بسفينة لرجل من تجار الروم قريبا من جدة، فتحطمت وحمل خشبها إلى مكة للإفادة منه في أعمال البناء. وصادف أن كان بمكة آنذاك رجل قبطي نجار فارتأوا ضرورة البدء بالعمل. وتعاونت قبائل قريش جميعا في البناء، كل تناول جانبا، هدما وبناء. وعندما بلغوا موضع الركن حيث يوضع الحجر الأسود، اختصموا، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الآخرى، فانحاز كل رجل إلى قبيلته، وتأهب الجميع للقتال. وظل الأمر على ذلك أربع ليال. وحينئذاك تقدم أبو أمية بن المغيرة- وكان عامئذ أسنّ قريش- فقال: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه. فأقرّوا رأيه، وراحوا ينتظرون أول داخل، فكان محمدا ﷺ، فلما رأوه قالوا: هذا الأمين رضينا، هذا محمد!! فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال: هلمّ إليّ ثوبا، فجيء به، فأخذ الحجر فوضعه فيه بيده ثم قال: لتأخذ كل قبيلة بجانب من الثوب ثم ارفعوه جميعا. ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه، وضعه هو بيده ثم بنى عليه «٣» .
_________
(١) جواد علي ص ١٠٩ وانظر عن هذا الحلف بالتفصيل مونتكمري وات: محمد في مكة ص ٢٣- ٢٥، ٣٩- ٤٠ وجواد علي ص ١٠٨- ١٠٩.
(٢) الطبري تاريخ ٢/ ٢٨٣.
(٣) ابن هشام ص ٤٠- ٤٢ الطبري ٢/ ٢٨٧- ٢٩٠ ابن سعد ١/ ١/ ٩٣- ٩٥ البلاذري: أنساب ١/ ١٠٠ المسعودي: مروج ٢/ ٢٧١- ٢٧٣ اليعقوبي: تاريخ ٢/ ١٤- ١٥ ابن الأثير: الكامل ٢/ ٤٢- ٤٥ المقدسي ٤/ ١٣٩- ١٤٠ ابن كثير: البداية ٢/ ٢٩٨- ٣٠٥ وانظر: درمنغم: حياة محمد ص ٦٤- ٦٧.
1 / 36