156

درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح

درء القول القبيح بالتحسين والتقبيح

تحقیق کنندہ

أيمن محمود شحادة

ناشر

الدار العربية للموسوعات بيروت

ایڈیشن نمبر

الأولى

اصناف

محالٌ لذاته. فإِن قيل: "بل يَلزَم منه الجورُ؛ وهو على الله محالٌ". والثاني ممنوعٌ. وقد بيّنّا أنّ لا جَورَ باعتبار ذلك. ثمّ لا نُسلِّم أنّ الجور لذاته محالٌ؛ وإِلاّ لَما صَحَّ مِن المخلوقِين. على أنّه لا يَلزمَ في حقِّ اللهِ سبحانه، سواءٌ استحال لذاته، أو لغيره. وأمّا جواز ذلك شرعًا، فقد دَلَّ عليه قوله، ﴿سنستدرجهم من حيث لا يعلمون﴾، ﴿واعملوا أن الله يحول بين المرء وقلبه﴾، كذلك زينا لكل أمة عملهم﴾. ولا معنى لتقديره الكفرَ ونحوَه في السرِّ إِلاّ تزيينه للكافر؛ وهو الاستدراج والمكر؛ وقد وَصَف اللهُ نفسَه بهما. قوله، "ربّنا أكرم من ذلك وأرحم" قلنا: تَصرُّفه في مُلكِه بما يشاء بمقتضَى ملكِه التامّ لا يُنافي الكرمَ والرحمةَ. وقد ثَبَت كرمُه بإِقامة الوجود وتفويضه الخلقَ في ملكه. ثمّ عاد يَفتَرض منهم. وأثاب الطائعَ منهم على ما لولا توفيقه لم يُوجَد منه، وهو مع ذلك مستحِقُّ له. قوله، "لو كان الأمر كما قاله الجاهلون، لما قال: ﴿اعملوا ما شئتم﴾، ولقال: "اعملوا ما قَدَّرتُ عليكم". قلنا: الجواب من وجوهٍ. أحدها: أنّ هذا أمرّ تهديدٍ، لا تخييرٍ؛ فلا يَلَزم ما ذكرتم. ولو كان أمرَ تخييرٍ، كقوله: ﴿فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾، لكنّه تخييرٌ لفظي؛ وهو في المعنى تعجيزٌ كونيٌّ، كقوله: ﴿كونوا حجارة أو حديدًا﴾؛ والتقدير "اعملوا ما شئتم، فإنّكم صائرون إِلى ما قُدِّر عليكم". الثاني: أنّه أمرُ بتكليفٍ؛ والتَصرُّف الكونيّ وراء ذلك. وهو معنى الجوابِ قبله. الثالث: أنّه سبحانه قال: ﴿من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا﴾.

1 / 222