ويزيد من ضعف أملي في العفو الإلهي
وأنا أشعر وأعاني في روحي المستعبدة
من الندم الخفي وتآكل فؤادي.
لكن من ناحية أخرى، فإن ضميرها يحتفظ بالقدرة على المبالغة في رد الفعل والانتقام العنيف:
ضميري القاسي يشق قلبي الممزق
بسكين حاد ويطرح خارجا
الأسرار الكريهة لحياتي القذرة.
لا يزال هذا الضمير النادم محاصرا في مكان ما بعيدا عن بشرى الحرية المسيحية، ويتقلب بالتبادل بين اتهام الذات المذعور ورد الفعل المبالغ فيه.
ويبدي كل من لوثر وكالفن قلقا بشأن كفاءة الضمير وقدرته على أن يكون وعاء للتوقعات المرجوة منه، لكن معاصريهما الذين تلقوا تشجيعا من قبل أفكار غير مؤكدة حول الضمير كضمان لثورة جذرية كان من الصعب توقع أن يدركوا تلك الفروق الدقيقة أو أن يستوقفهم تحذير لوثر بأن الضمير يجب أن يتلقى دعما من الكتاب المقدس في كل مرحلة، أو تحذير كالفن بأنه ينتظر الخلاص على يد رحمة المسيح وفضل الله. ويمكن لي آراء كل من لوثر وكالفن على يد المتعصبين البروتستانتيين مما يؤدي إلى نتائج مخيفة. وقد حذر إراسموس الذي كتب إلى لوثر قبل اندلاع حرب الفلاحين التي وقعت عام 1525 بعام واحد من الاضطرابات القادمة قائلا: «إنني أرى أواصر الصداقات تتمزق وأخشى أن تحدث اضطرابات دموية.» ورد لوثر باحتقار قائلا إنه من المفترض أن تتسبب كلمة الله في حدوث فتنة، مستشهدا بإنجيل متى 10 :34: «ما جئت لألقي سلاما بل سيفا.» وعندما واجه لوثر الاضطربات الفعلية عام 1525، كان حاسما في تنصله منها وتوقعه لقمعها بواسطة السلطة المدنية. ومع ذلك - وكما هو الحال مع الأنواع الأخرى من الأقوال المتطرفة - لم يكن لوثر يتمتع بسلطة نهائية على كيفية فهم كلماته، وكان ثمة راديكاليون اجتماعيون حقيقيون بالإضافة إلى المتطرفين الدينيين. وعلى الرغم من ملاحظات لوثر النقدية القائلة بالعكس، فقد يعتبر توماس منتسر - منكر العماد المتمرد وأحد قادة حرب الفلاحين عام 1525 والذي كان يعتقد أن المؤمنين الحقيقيين تحركهم روح الله التي تختلج في قلب الإنسان - بمثابة ابن لوثر. وكما قال شتيفن أوزمنت: «عند تطبيق علم اللاهوت القلبي على المجتمع، فإنه يصبح عقيدة ثورية حقا.» ومن تمرد أتباع جون هس في جمهورية التشيك في القرن الخامس عشر وحروب الفلاحين في وسط أوروبا في القرن السادس عشر مرورا بالحرب الأهلية الإنجليزية في القرن السابع عشر، نجد الضمير والآراء المتعارضة بشأن إملاءاته في قلب الاضطراب الاجتماعي.
لا عجب أن بعض البروتستانتيين القلقين - مثل الإنجيلي ريتشارد هوكر في كتابه «قوانين الدولة الكنسية» (1594) - قد سعوا إلى إعادة ترسيخ الضمير أو «تحليله» عن طريق إعادة احتوائه في القيود المؤسسية. وينصب اهتمام هوكر على البيوريتانيين ومنكري العماد وأعضاء الطوائف المتعلقة بهم الذين يفضلون ثمار «التنوير الخاص»، كما يتضح في الاعتماد على «ضمائرهم الخاصة» في مواجهة أحكام المجالس والمجامع الكنسية والهيئات ذات الخبرة التي توفر أساسا ملائما للاعتقاد. وهو يشير إلى الدور التقليدي للمجالس في الكنيسة، وهو الموازنة بين الأمور موضع الخلاف والوصول إلى قرارات رسمية؛ مما يوفر «أساسا كافيا لضمير أي شخص عاقل كي يبني عليه واجب الطاعة». ويمنح هوكر الناس الحق في مقاومة القوانين التي يؤمنون في قرارة أنفسهم بأنها تعارض القانون الإلهي، لكنه يؤمن بأن تلك المعارضة يجب التخلي عنها عند مواجهة خلاف «عندما يطرح على أي شخص ويتفهمه فلا يمكن للعقل سوى أن يوافق عليه في قرارة نفسه». وهو يؤمن بأن تلك الحجج كافية لإبراء ذمة أكثر الضمائر تشككا، «فالاستحسان العام الذي تبديه هيئة الكنيسة لتلك الأمور الثابتة يجعل جودتها أمرا مرجحا». وليست تلك الحجة من السلطة الجمعية جديدة، فقد كانت حجر الزاوية للسلطة في الكنيسة الرومانية، وتم التأكيد عليها بشدة في إنجلترا أثناء مقاضاة وايكليف وأتباعه في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وهي حجة يعود لها هوكر الإنجيلي استجابة لمفاهيم الضمير التي تخفي الرأي فيما يطلق عليه «غشاوة من العاطفة العميقة»، وهو هنا يستبق ويعارض ما يصفه فيلسوف القرن العشرين الكاثوليكي ماكس شيلر بأنه «مبدأ الفوضى الأخلاقية» الذي ينشأ عندما «يمكن لأي شخص ... الاحتكام إلى «ضميره» ومطالبة الآخرين بالاعتراف المطلق بما يقوله».
نامعلوم صفحہ