الرد على الأشعرية ومن ذهب مذهبهم في صفات الباري سبحانه (1) اعلم يا أخي أعزك الله وأرشدك ، ووفقك وأيدك أنك ذكرت ما جرى لبعضهم مع بعض أهل الأدب من الأشعرية في خلق القرآن وأمر الصفات صفات الباري سبحانه وأسمائه الحسنى ، وكتبت تسألني شرح ذلك وصادفني كتابك وأنا مشغول البال مختل الحال بمرض العيال ، وهو السبب الذي أوجب تأخير الجواب إلى هذا الأوان ، لاسيما الكلام في هذه المسائل مخطر بأمرين أحدهما : التعرض للقدح في ذات الباري سبحانه وصفاته العليا وأسمائه الحسنى من غير ما حاجة ضرورية دافعة ، إذ يتعذر كنه جلال الله سبحانه أن تقع الأوهام على حقيقته ، فكيف تنطق الألسنة فتنطلق وتسعى وتعيق ، لولا ما سومحنا فيه من ذكره بأسمائه التي نص عليها وبصفاته التي نص عليها ، وقد يستسمح الناس على قلة أخطارهم من الأبناء والعبيد والعوام والنديد ذكر الآباء والكبراء والسادة والأكفاء مشافهة بأسمائهم ، لكن كناية : يا أبتي إذا كان أباه ، ومن العبيد يا مولاي إذا كان مولاه ، ومن الكفو يا أخي ، ومن العامة يا سيدي ، فكيف بمن ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وجل عن أن يشبهه شيء ، أن تبوح الألسن بذكره ، أو تتعرض لشكره فتنطق وتقول بلسان حال وقلب خال : يا الله يا رحمن يا رحيم . هكذا باسمه لا كناية لولا الرؤوف الرحيم الغني الكريم .
الثاني : أن هذه المسائل قليلة الجدوى في ما يتعلق بالبلوى ، إذ لا تؤثر في العبادات ولا تنفع في ترك الحرمات ، وقد يحصل ذكر الله - عز وجل - في القلوب التي هي موقع نظر الباري سبحانه بأقل الخطوات ، وتخرس الألسن عند ذكره عند من أشرف على الملكوت والجبروت دون التفيهق والتشدق من هذا الوجه الخطر العظيم الضرر ، فكأنما الخائض فيما لا يعني وشارع فيما لا يغني ، وإذا لم تعفني من السؤال ولابد من الشروع في المقال فإني أقول ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم الكبير المتعال .
صفحہ 48