فقصره أهل الإقرار والإنكار على الإقرار والإنكار ، وأطلقه أهل الجميع إلى الجميع ، فما الحاجة إلى الإقرار مع منع الفعل ، والحاجة إلى الفعل أظهر منهما إلى الإقرار .
وهذه التسمية تتوجه إلى الفعل في الظاهر فإن خصوا عممنا ولنا الحجة عليهم والفضل .
واعلم أنه إنما وقع الخطاب على المؤمنين المصدقين بالله لا على المشركين المنكرين ، أفتقع مطالبتهم في الإقرار ولو سامحناهم لقضينا به في المعنيين جميعا ، وللفعل مزية ليس مراد الباري سبحانه من العباد الإقرار بل الامتثال .
وقول سليمان عليه السلام : ( ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم ) . خاف عوارض الجسد .
وقول الله - عز وجل - : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) . فالحكم في الفعل وتركه ، فمن أقر ولم يحكم كمن صلى ولم يوتر ، ومن حكم ولم يقر قضى الوطر .
وأما ثبوت الكفر في الأفعال من السنة فقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) للأقرع بن حابس حين سأل رسول الله عليه السلام عن الحج فقال : الحج علينا يا رسول الله في كل عام ؟ فقال عليه السلام : (( لو قلت نعم لوجبت ، ولو وجبت ما قدرتم عليه ، ولو لم تفعلوا لكفرتم )) ، وهذا الخطاب يتوجه إلى فعله دون إيجاب فرضه .
فإن قالوا : إنما يتوجه الخطاب إلى إيجاب فرضه دون فعله .
قلنا : فما الحاجة بمن أقر لك بدينك ومطلك ولو قضاك وأنكرك لكان أيسر .
وقد روى عن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة - رضي الله عنه - مثل ما قالوا .
ولن يضرنا أنه أراد الله - عز وجل - بهذا الخطاب اليهود الذين أنكروا نزول القرآن على محمد عليه السلام .
وقال عليه السلام : (( من ترك الصلاة كفر )) . وقال عليه السلام : (( ليس بين العبد والكفر إلا تركه للصلاة )) .
وقال عليه السلام : (( ألا لا ترجوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )) . وليس هناك شرك يضرب به بعضهم رقاب بعض إلا الفتنة والملك .
صفحہ 34