Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb
دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية
ناشر
مكتبة ابن تيمية - القاهرة
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م
پبلشر کا مقام
توزيع
اصناف
هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّانِيَةَ لَا تُجْلَدُ بَلْ تُحْبَسُ إِلَى الْمَوْتِ أَوْ إِلَى جَعْلِ اللَّهِ لَهَا سَبِيلًا.
وَقَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُحْبَسُ بَلْ تُجْلَدُ مِائَةً إِنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَجَاءَ فِي آيَةٍ مَنْسُوخَةِ التِّلَاوَةِ بَاقِيَةِ الْحُكْمِ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً تُرْجَمُ.
وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنْ حَبْسُ الزَّوَانِي فِي الْبُيُوتِ مَنْسُوخٌ بِالْجَلْدِ وَالرَّجْمِ (١)، أَوْ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ غَايَةٌ يُنْتَهَى إِلَيْهَا هِيَ جَعْلُ اللَّهِ لَهُنَّ السَّبِيلَ، فَجَعَلَ اللَّهُ السَّبِيلَ بِالْحَدِّ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ﷺ: خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ الْآيَةَ.
هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِعُمُومِهَا عَلَى مَنْعِ الْجَمْعِ بَيْنَ كُلِّ أُخْتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتَا بِعَقْدٍ أَمْ بِمِلْكِ يَمِينٍ، وَقَدْ جَاءَتْ آيَةٌ تَدُلُّ بِعُمُومِهَا عَلَى جَوَازِ جَمْعِ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ «قَدْ أَفْلَحَ» وَسُورَةِ «سَأَلَ سَائِلٌ»: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [٢٣ \ ٥ - ٦] .
فَقَوْلُهُ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ اسْمٌ مُثَنَّى مُحَلَّى بِأَلْ وَالْمُحَلَّى بِهَا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ كَمَا تَقَرَّرَ خَرَّجَهُ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ، وَقَوْلُهُ: أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ اسْمٌ مَوْصُولٌ وَهُوَ أَيْضًا مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ أَيْضًا.
فَبَيْنَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ يَتَعَارَضَانِ بِحَسَبَ مَا يَظْهَرُ فِي صُورَةٍ هِيَ جَمْعُ الْأُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، فَيَدُلُّ عُمُومُ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَعُمُومُ: أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ عَلَى الْإِبَاحَةِ، كَمَا قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ﵁: أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا أُخْرَى.
وَحَاصِلُ تَحْرِيرِ الْجَوَابِ عَنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ أَنَّهُمَا لَا بُدَّ أَنْ يُخَصَّصَ عُمُومُ إِحْدَاهُمَا بِعُمُومِ الْأُخْرَى، فَيَلْزَمُ التَّرْجِيحُ بَيْنَ الْعُمُومَيْنِ، وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا يُقَدَّمُ وَيُخَصَّصُ بِهِ عُمُومُ الْآخَرِ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالرَّاجِحِ إِجْمَاعًا، وَعَلَيْهِ فَعُمُومُ: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، أَرْجَحُ مِنْ عُمُومِ: أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ
1 / 56