Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

Muhammad al-Amin al-Shinqiti d. 1393 AH
22

Daf’ Ihām al-Idtirāb ‘an Āyāt al-Kitāb

دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب - ط مكتبة ابن تيمية

ناشر

مكتبة ابن تيمية - القاهرة

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٧ هـ - ١٩٩٦ م

پبلشر کا مقام

توزيع

اصناف

وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: «إِلَّا لِنَعْلَمَ» أَيْ عِلْمًا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، فَلَا يُنَافِي كَوْنَهُ عَالِمًا بِهِ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَقَدْ أَشَارَ تَعَالَى إِلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِالِاخْتِبَارِ عِلْمًا جَدِيدًا لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِمَا سَيَكُونُ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [٣ \ ١٥٤] . فَقَوْلُهُ: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ بَعْدَ قَوْلِهِ: «لِيَبْتَلِيَ»: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُهُ الِاخْتِبَارُ عِلْمًا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ ﷾ عَنْ ذَلِكَ، بَلْ هُوَ تَعَالَى عَالِمٌ بِكُلِّ مَا سَيَعْمَلُهُ خَلْقُهُ وَعَالِمٌ بِكُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ وُقُوعِهِ، كَمَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ الْآيَةَ [٣٤ \ ٣] . قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ الْآيَةَ. هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ بِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّ الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ غَيْرُ أَمْوَاتٍ، وَقَدْ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى لِمَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ الشُّهَدَاءِ ﷺ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [٣٩] . وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا، أَنَّ الشُّهَدَاءَ يَمُوتُونَ الْمَوْتَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ فَتُورَثُ أَمْوَالُهُمْ وَتُنْكَحُ نِسَاؤُهُمْ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ الْمَوْتَةُ هِيَ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنَّهُ يَمُوتُهَا ﷺ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ صَاحِبِهِ الصِّدِّيقِ ﵁ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ ﷺ: «بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ عَلَيْكَ اللَّهُ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا الْمَوْتَةُ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا»، وَقَالَ: «مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ»، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِالْقُرْآنِ، وَرَجَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ. وَأَمَّا الْحَيَاةُ الَّتِي أَثْبَتَهَا اللَّهُ لِلشُّهَدَاءِ فِي الْقُرْءَانِ، وَحَيَاتُهُ ﷺ الَّتِي ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَرُدُّ بِهَا السَّلَامَ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ فَكِلْتَاهُمَا حَيَاةٌ بَرْزَخِيَّةٌ لَيْسَتْ مَعْقُولَةً لِأَهْلِ الدُّنْيَا. مَا فِي الشُّهَدَاءِ فَقَدْ نَصَّ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ [٢ \ ١٥٤]، وَقَدْ فَسَّرَهَا النَّبِيُّ ﷺ بِأَنَّهُمْ تُجْعَلُ أَرْوَاحُهُمْ فِي حَوَاصِلِ طُيُورٍ خُضْرٍ تَرْتَعُ فِي الْجَنَّةِ وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ تَحْتَ الْعَرْشِ فَهُمْ يَتَنَعَّمُونَ بِذَلِكَ.

1 / 24