دعایا الی سبیل مومنین

ابو اسحاق ابراهیم اطفیش d. 1385 AH
85

دعایا الی سبیل مومنین

الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش

اصناف

العقلاء ينقسمون بالنسبة إلى كمال اللذات على قسمين ، فقسم يرى أن سعادته في اللذات الحسية من المآكل والمشرب والمركب والمنكح والملبس ، فيحمله هذا الاعتقاد على التأنق في ذلك والتفنن فيه ، ويراه هو الكمال الإنساني والغاية والخير المطلوب والسعادة القصوى ، وما ركب فيه من القوى إنما هي لأجل هذه اللذات والتوصل إليها ، وهذا هو اعتقاد الطبقة المنحطة رعاع الناس وجهالهم وسفلة القوم وسقاطهم عبيد الشهوات الخسيسة ، وما علموا أنهم يشاركهم في تلك الصفات الحيوان الأعجم ، وقسم يرى اللذات الحسية مهما بلغت من الحسن والجمال فهي عوارض غير مقصودة بالذات ، وإنما الكمال والسعادة في اللذات المعنوية ، من العقل والعلم والحكمة والفوز على الأعداء وشرف النفس والشجاعة والعفة وكرم الأخلاق ومقارعة الباطل ببرهان الحق ، والعمل للسعادة السرمدية والنعيم المقيم ، وأمثال هذه الكمالات وهذا القسم هم المشاركون للملائكة المقيمون بينهم بروحانيتهم المستنيرون بالنور الإلهي لا يرون للحسيات وزخاريفها شأنا ولا تختلبهم خدائع الطبيعة الجسمانية ، ولا يحزنون على فقد محبوب ولا يتحسرون على فوت مطلوب ، يستمدون من فيوض الآمال ويستعذبون أشد الأهوال ، وما ذلك إلا لما في نفوسهم من اللذة المعنوية الصحيحة ، يعسر فك رموزها على النفوس التي أخلدت إلى الحسيات والجهل المبين .

وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام

1. يذكر لنا التاريخ رجالا يأتون ضروبا من عظائم الأمور وأئمة تجرعوا كؤوس الحتف نصرة للحق، واشتياقا إلى الحق تعالى ، أترى ذلك منهم لسوى تلك السعادة والكمال المعنويين في نفوسهم ؟ كلا { ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } ( الجمعة /4)

صفحہ 88