دعایا الی سبیل مومنین

ابو اسحاق ابراهیم اطفیش d. 1385 AH
80

دعایا الی سبیل مومنین

الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش

اصناف

ألا يرى إلى توفر الأدلة على إباحة نعمه سبحانه بدون استثناء وكتابه ينطق بذكرها كل آونة ، والنهي عن الحرمان منها ، وأنت خبير بما ورد في سبب نزول قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين } ( المائدة / 87) وذلك أن جماعة من كبار الصحابة أثرت فيهم خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشوقتهم إلى نعيم الآخرة فعزموا على هجر التنعم وقطع آلتهم حتى لا يشتهوا النساء ولبس الخشن من الثياب والانقطاع إلى العبادة وإجهاد النفس بها ليل نهار ، فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فقال :(أما أنا فأقوم وأنام وأصوم وأفطر وآتي النساء والطيب ، فمن رغب عن سنتي فليس مني ) وتحريمهم ليس إلا منع نفوسهم عنها وحرمانها منها ، وهذا معنى قول بعض المفسرين في قوله تعالى : ( لاتحرموا ) لا تقولوا حرمنا على أنفسنا مبالغة منكم في العزم على تركها تزهدا منكم وتقشفا . وقد سمى الله تعالى ذلك اعتداء على حدوده فقال : ( ولا تعتدوا ) على حدود الله أو على أنفسكم بحرمانها مما أباحه الله من اللذائذ ، فإن لأنفسكم عليكم حقا ، وقال تعالى : { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين } ( المائدة / 93)

أي استمروا على التقوى وتحروا حسن الأعمال وأفضلها وأحسنوا إلى الناس ، لما اشترط الله تعالى لانتفاء الجناح عمن طعم مستلذات المطاعم حصول التقوى والإيمان فيه مرتين وفي المرة الثالثة حصول التقوى والإحسان اتجه أن يقال ، ما الحكمة في تكرير اشتراط التقوى والإيمان فيه وعطف أحد المكررين على الآخر بثم الدالة على التراخي ولا تراخي بين الشيء وبعضه ، فأجيب بأن التكرير للتاكيد كما في قوله تعالى: { كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون } ( التكاثر / 4،3)

والتحقيق إن التكرير للتأسيس كما جرى عليه قطب الأئمة(1) شيخنا في تفسيره الكبير ( هيميان الزاد إلى دار المعاد ) وكثير من محققي التفسير .

صفحہ 83