( قلت) وبتلك الخرافات الباردة تعلق الجامدون الذين لا يصرفون مواهب أفكارهم في حقائق الكون والترقي الروحي بالبحث في أسراره ، وبها تصوروا الفنون الكونية وهم يمرون عليها في كتاب الله العزيز الذي أنزله تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين .
ما أخسر صفقة هؤلاء وما أسوأ حالهم ، يتلون آيات الله ولا يتدبرونها ، وتقرعهم نوائب الجديدين ولا يعتبرون بها
( كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول )
وفي الجواهر السنية بعد أن تكلم على تاريخ الفن وأطواره (ثم ) جمع الرجال، ما كان مفرقا من تلك الأعمال ورتبوه على قواعد معقولة حسب الإمكان ثم دونوه علما مستقلا كامل الحدود والأركان، ثم توسعوا فيه حتى بينوا دخوله في الصنائع والفنون بل في أطوار الحيوان ، فإن في التنفس عملا كيماويا في الرئة به يتلون الدم بالحمرة الناصعة، وفي الهضم عملا كيمياويا في القناة الغذائية به يستحيل الغذاء إلى أجزاء حيوانية ( حيوية ) متنوعة،وكذا في النباتات أعمال كيمياوية بها التغذية والنمو ، وفي المعادن حركات كيمياوية بها الامتزاج (الاتحاد ) بين الأجزاء والدنو ( الاختلاط ) وعلم الطب من بين العلوم قد استفاد من علم الكيمياء أعظم المنافع فالطبيب بدون معرفة الكيمياء لا يمكنه أن يركب دواء أو يطيعه للمريض .
إذا نظرنا إلى هذا العلم نظرة عامة نجده يحتاج إليه في كثير من الفنون وحتى الفقيه في فتاويه،فكثير منها لا تصح إلا إذا كان عارفا بهذا الفن ولا غرابة .
(وإليك البيان )إذا سئل المفتي عن مادة طبية أو دهنية أو عطرية مثلا وردت من أوروبا،وهي مصدر الكل بلا نزاع،لا تصح فتواه إلا على طريق اكتشاف مركباتها، لما في كثير من مواد أوروبا من الكحول والمواد الشحمية .
صفحہ 47