دعایا الی سبیل مومنین
الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش
اصناف
إن المنافسة في العرفان وميادين الحياة من واجب الأمة ، والمحافظة على الصنائع الوطنية وترقيتها وجلب وسائل التسهيل والتوفير لها كذلك ، كما أن من واجبها اختصاص رجال العلم والمتعلمين كل بفن من الفنون مع مشاركته في غيرها لارتباط؛ العلوم بعضها ببعض واستمداد بعضها من بعض ؛ ولاستحالة إحاطة الفرد الواحد بجميع العلوم ، ولأن الأفراد إذا جاؤا بواجبهم تكون واجب المجموع من نفسه ، فخذ لك مثلا علم التفسير فإنه ترتبط به علوم العربية وعلوم السنة وتوابعها وعلم التاريخ والعلوم الكونية والجغرافية والطبيعية وغيرها كثير، إن أراد المزاول له أن يدرك أسرار القرآن وما يحتوي عليه من العلوم ، ويتمتع بذلك الجما ل الرائع ، فالهيئات لا تتكون بدون توزيع اللوازم على أفرادها ؛ لأن الأمة شبيهة بالهيكل كل عضو له عملية يقوم بها فمتى سلمت الأعضاء وقامت بلوازمها كانت سلامة ذلك الهيكل .
والقوة نتيجة اجتماعية ، فالقوة السياسية مثلا نتيجة ارتقاء في الهيئة الاجتماعية، والقوة العملية نتيجة ارتقاء في العرفان ، والقوة الاقتصادية نتيجة ارتقاء في الهيئة العاملة إلخ لهذا كانت الشعوب الفاقدة لتلك القوات طعمة الأقوياء .
لماذا لا تضارع الأمة الإسلامية غيرها من الأمم المتمدنة؟ وهي الأمة المتدينة بالدين الذي فتح أبواب الشرف في وجوه الأنفس وكشف لها عن غايته، وأثبت لكل نفس صريح الحق في أي فضلية، وأنبأ كل ذي نطق بوفرة استعداده لأي منزل من منازل الكرامة ومحق امتياز الأجناس ، وسوى بينها في كل الحقوق ، وإنما جعل التفاضل بالعقل والفضلية { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير } ( الحجرات / 13)
قال - عليه الصلاة والسلام -:( من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله ) .
صفحہ 128