دعایا الی سبیل مومنین
الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش
اصناف
ولا نكران لفضل الفقه ؛ فإن علم العبادات ومعرفة الحلال والحرام وهو من العلوم المقصودة بالذات لا من الآلآت التي يكون الغرض منها والتوسل بها إلى غيرها من العلوم ، وبه يعرف ما يعرض لأفعال المكلفين من الوجوب والحرمة والكراهية والندب والإباحة والصحة والفساد ولو أهمل العمل به ؛ لانهدمت شريعة الله التي جاء بها الأنبياء { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب } ( الشورى / 13)
لكن لا يعقل أن تشتغل الأمة بالفقه وتعرض عما سواه ولا يقول بهذا عاقل ، بل الواجب أن يكون ما يخص الهيئة الإسلامية كالمواريث والأنكحة والوصايا والأحكام والإجارت وأمثالها ، موزعا بين أفراد مع مشاركتهم في غيرها من العلوم ، كما يجب أن يتخصص أفراد لعلوم الحياة مع مشاركتهم في العلوم الشرعية حتى تصير الأمة جامعة لما يكفل لها السعادة من العلوم في الدين والدنيا ، وينتظم أمرها وهذا ما يرمي إليه غرض العاملين ؛ لإسعاد الأمة بنشر المعارف وإحياء معالم الهدى .
لا يدع طالب العلم فنا من العلوم المحمودة إلا شارك فيه مشاركة يكون بها خبيرا بمقصده وغايته ، ثم إن ساعده الحظ سعى أن يتضلع فيه ؛ فإن العلوم متعاونة وبعضها مرتبط ببعض ويستفيد منه في الحال الانفكاك عن عداوة ذلك العلم بسبب جهله ، فإن الناس أعداء ما جهلوا فما قام المعارضون ضد الإصلاح والطعن في العلوم الحيوية إلا لجهلهم لها وعدم النظر في نتائجها في الخارج حتى يستبين لهم حكمها .
لهذا قال بعضهم لابنه : عليك بكل نوع من العلم فخذ منه ؛ فإن المرء عدو ما جهل ، وأنا أكره أن تكون عدو شيء من العلم وأنشد :
صفحہ 112