دعایا الی سبیل مومنین
الدعاية إلى سبيل المؤمنين لأبي إسحاق اطفيش
اصناف
التفقيه في الدين تفهيم الأحكام الشرعية إما بتصورها وبالحكم عليها حتى يعلم ما يأتي وما يذر ، وإما باستنباطها من أدلتها ، كل ميسر لما خلق له ، وإنما كان التفقه في الدين سببا لحصول الخير عند الله تعالى ؛ لأن الدين هو السبيل إلى (رضى الله) وهو باب رحمته ( { وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون } ( الأنعام / 153) والآية إنما تحض على طلب العلم أي فهلا نفر من كل فريق طائفة إلى اكتساب العلم والتفقه أى وطائفة إلى الجهاد ، فتفيد الآية الأمر بتوزيع الأعمال العامة بين الجماعات منها إلى النفير للجهاد ، ومنها إلى تحصيل العلم وتلقي الشريعة منه- عليه الصلاة والسلام - ( ليتفقهوا في الدين ) ليعالجوا الفقاهة ويتجشموا المشاق في أخذها وتحصيلها ( ولينذروا قومهم ) وليجعلوا غرضهم ومرمى همتهم في التفقه
(1) رواه شمس الدين أبو يعقوب في الدليل والبرهان عن أبي هريرة (رضي الله عنهما) . (2) رواه البدر الشماخي في السير عن بعض المحققين .
(3) في المسند الصحيح للإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي البصري . (4) رواه البزار عن أبي مسعود .
إنذار قومهم وإرشادهم والنصيحة لهم ( لعلهم يحذرون ) عقاب الله فيعملوا عملا صالحا .
قال بعض المفسرين : يصح عود الضمير على النافرين ويكون تفقيههم في الغزو بمشاهدة نصرة الله لدينه وإظهاره فئة قليلة من المؤمنين على فئة كثيرة من الكافرين ، وتعلمهم أساليب الكر والفر وضروب البسالة ، وهذا الوجه مروي عن بعض التابعين .
وأنت ترى كيف جعل التفنن في الجهاد ضربا من التفقه في الدين لما يعود به عليه من الفائدة العظيمة من النصر والتأييد والتمكين وفيه تدريب النفس على تحمل المشقة لأجل السعادة .
قال بعض المحققين : هو أشبه بظاهر الآية نظرا إلى مادة نفر لأنه بمعنى الخروج ، وبعض اختار الأول نظرا إلى مادة فقه .
في جامع البيان : إن أول الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال ؛ ليتفقه الطائفة النافرة بما تعاين من نصر الله أهل دينه وأصحاب رسوله على أهل عداوته والكفر به فيفقه بذلك من معاينته حقيقة علم أمر الإسلام وظهوره على الأديان من لم يكن فقهه .
وإنما اختير هذا الوجه عند بعض لما يدل عليه لفظ النفر ، فإنه يراد به عند الإطلاق غالبا الخروج إلى الغزو والجهاد والموالاة لفظ التفقه له كما مر .
صفحہ 108