ويهوم الصمت. - أغانيك حلوة يا حسين. - الله يبقيك يابا الحاج. - اشتريت راديو خصيصا لأسمع أغانيك. - الله يبقيك يابا الحاج.
ويهوم الصمت.
ويفكر الحاج فيما يمكن أن يكون سبب مجيء حسين، ويفكر حسين فيما يمكن أن يكون فاتحة الحديث الذي يريد أن يسوقه، ويرتفع صراخ أحمد لحظة، ثم يظللهما الصمت مرة أخرى، فتعلو أصوات الضفادع والصراصير والكلاب، ويتنحنح حسين ثم يقول في صوت متسلخ: أبا الحاج ... - نعم يا ابني.
ويرفع حسين يده إلى عينه الدامعة: أريد أن أعرض عليك أمرا. - قل يا حسين. - أريد أن أتزوج. - على بركة الله يا ابني. ومن العروس؟
وفي سرعة يقول حسين: هنية!
ويعتدل الحاج في جلسته، ويلقي إلى حسين نظرة داهشة: من؟! - هنية. - امرأة أخيك؟! - طليقته. - لماذا؟! - أريد أن أصلح ما فعله أخي؟! - هل تحبها؟
وصمت حسين لحظة وتنحنح وقال: ماذا؟ - هل تحبها؟ - نعم. - هل تحبها حقيقة يا حسين؟ - نعم. - هل تحب أحدا يا حسين؟! هل تحب أحدا على الإطلاق؟! ودهش حسين من السؤال. فاستغلق عليه الحديث هنيهة، ثم قال وكأنه لم يسمع: نعم. - أقول، هل تحب أحدا على الإطلاق؟ هل تعرف الحب؟ نعم أنت شاعر، تقول الشعر في الحب والغرام والهيام، ولكن هل تعرف الحب يا حسين؟ - يابا الحاج أنا مقصر، ولكن معروفك ومعروف الحاجة لا ينسى ... - أنا يا ابني لا أسأل عن المعروف، إنما أسأل عن الحب. هل تعرف الحب يا حسين؟
وتنبه حسين إلى نفسه، وكأنما جعله السؤال يحس أنه إنسان ناقص، ينقصه الحب. وأطرق ثم قال: إذا أمرت ألا أتزوج هنية؛ فأنا طوع أمرك.
وصمت الحاج وواصل حسين حديثه: إنها شابة، وستتزوج، وأنا أولى من الغريب.
وأطرق الحاج بعض الوقت ثم قال في لهجة من يريد أن ينهي موضوعا: اعمل ما تريد يا بني، اعمل ما تريد. - كثر خيرك يابا الحاج.
نامعلوم صفحہ