وصمت حسين. - حقك علي. هات رأسك لأبوسها.
ولم يدر حسين من أمر نفسه إلا أن دمعاته الصامتة أصبحت نشيجا عاليا. وواصل الرجل كلامه: إن الله غفور رحيم يا شيخ حسين. يا رجل أنت حامل كلام الله؛ فاغفر لي.
وربت كتفه، ثم احتواه في حضنه الواسع، وتجمع الناس الذين شهدوا موقفهما الأول، وراحوا يجاملون حسين، ويرجونه ألا يحمل على الرجل غلطة لسانه، وتهافت النشيج من حسين واقترب من الصمت، وقال الرجل العريض الكتفين: لا تذكر ما قلته للحاج والي؛ فإنه لو عرف ما قلت لم يعفني من الزجر والتأنيب. اصفح عني يا شيخ حسين، وأقسم بالله لا أعود لها أبدا.
ثم نادى بأعلى صوته على الطفل الذي كان يسير خلف الحمار فجاء فقال له: قبل يد الشيخ حسين يا ولد واعتذر له.
وقال الطفل: يا أبي أنا لم أره.
وزجره أبوه في عنف: قبل يده قلت لك.
وتكلم حسين أخيرا مغمغما: أستغفر الله! لا لزوم لهذا.
وقال الرجل: اجعله يقبل يدك لينال بركتك؛ أنت حامل كتاب الله، ومبروك. اجعله يقبل يدك من أجل خاطري، أعطه يدك حتى أعرف أنك صفحت عني.
وأمسك الطفل يد حسين فقبلها في سرعة قبل أن ينتبه حسين. وأحس حسين رضى في نفسه وقال: أستغفر الله العظيم! يا سيدي أنا متشكر على كل حال. سلام عليكم.
ورد الجميع السلام في همهمات، وانصرف حسين، وقد أصبحت رغبته أن يصبح شيخا أعمق في نفسه وأبعد غورا.
نامعلوم صفحہ