وخرج الحاج والي، وخرجت من ورائه الحاجة، واقتعدا الأريكة ولم يخرج الحاج سبحته، وإنما راح يسأل الحاجة بمبة في إشفاق: هل الحالة خطيرة؟ - ربنا يسلم يا حاج. أنا لم أر في حياتي ولادة كهذه.
وأراد أن يعيد السؤال، فوجد أنه سيصبح سخيفا، كما وجد أنه لن يسمع الجواب الذي يتلمسه، فلم يجد مناصا من أن يعود إلى مسبحته، فهو يخرجها ويأخذ في إسقاط حباتها الواحدة بعد الأخرى في محاولة فاشلة للهدوء أو الاطمئنان، وحسين ينظر إلى الحاج والحاجة والدمعة في عينه، وشعور بالخطر يملأ جوانحه، وإن كان لا يدري ما وجه الخطر أو أسبابه.
وطال غياب الطبيب وطال، وباب الحجرة مقفل لا يند عنه إنسان يعرف منه الحاج ما يجري داخل الغرفة.
وأطل الصباح في تباشيره الأولى وتهيأ الحاج للصلاة، ولكن الصوت الخالد الذي يستقبل به الأطفال الحياة ند عن الغرفة المقفلة ببكاء. وتوقف الحاج باهتا وراح ينظر إلى الغرفة، ولكن بابها ظل صامتا إلا عن البكاء، ولم يطق الحاج صبرا فاندفع إلى الباب وفتحه وقبل أن يقتحم الحجرة واجهه الطبيب مرتبكا لا يدري ما يقول. وعاجله الحاج والي: هيه، خير يا دكتور؟
وصمت الطبيب وقالت القابلة: أصبح لك ولد يا حاج.
وقال الحاج: وهي ... صالحة ... كيف هي؟
واستخذت القابلة حسيرة، وألقت بنظرها إلى الأرض، وقال الطبيب: تعيش أنت يا حاج.
وذهل الحاج وأقدم على سرير زوجته ثم أحجم، وترك الغرفة ثائر النفس ممزق المشاعر بين أمل تحقق وروح أزهقت في سبيل تحقيقه. لا يدري ماذا يفعل إلا أنه دون وعي استقبل القبلة وكبر وانتوى الصلاة ودمعات تموج في عينيه وقرأ الفاتحة ثم وجد نفسه يتلو الآية الكريمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير * تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب
نامعلوم صفحہ