175

عیون الاثر فی فنون المغازی والشمائل والسیر

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

ناشر

دار القلم

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٤/١٩٩٣.

پبلشر کا مقام

بيروت

يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَتْرُكُوا دِينَ آبَائِكُمْ، فَسَأَلْتُ مَنْ هذا الرجل فقيل: أبو لهب. وذكر ابن إسحق عَرْضَهُ ﵇ نَفْسَهُ عَلَى كِنْدَةَ وَعَلَى كَلْبٍ وَعَلَى بَنِي حَنِيفَةَ، قَالَ: وَلَمْ يَكُ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ أَقْبَحَ رَدًّا عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَعَلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ. وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ دُعَاءَهُ ﵇ بَنِي عَبْسٍ إِلَى الإِسْلامِ، وَأَنَّهُ أَتَى غَسَّانَ فِي مَنَازِلِهِمْ. وَبَنِي مُحَارِبٍ كَذَلِكَ. وَذَكَرَ قَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ فِيمَا رَأَيْتُهُ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي خُرُوجِهِمَا هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لِذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ فِي كُلِّ خَيْرٍ مُقَدَّمًا، فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ فَقَالُوا: مِنْ شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ، فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، هَؤُلاءِ غُرَرٌ فِي قَوْمِهِمْ، وَفِيهِمْ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو، وَهَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ، وَمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ، وَالنُّعْمَانُ بْنُ شَرِيكٍ، وَكَانَ مَفْرُوقُ بْنُ عَمْرٍو قَدْ غَلَبَهُمْ جَمَالا وَلِسَانًا، وَكَانَتْ لَهُ غَدِيرَتَانِ [١]، وَكَانَ أَدْنَى الْقَوْمِ مَجْلِسًا مِنْ أَبِي بَكْرٍ ﵁، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ ﵁: كَيْفَ الْعَدَدُ فِيكُمْ؟ فَقَالَ مَفْرُوقٌ: إِنَّا لَنَزِيدُ عَلَى الأَلْفِ، وَلَنْ تُغْلَبَ الأَلْفُ مِنْ قِلَّةٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ الْمَنَعَةُ فِيكُمْ؟ فَقَالَ مَفْرُوقٌ: عَلَيْنَا الْجَهْدُ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ جِدٌّ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَكَيْفَ الْحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّكُمْ؟ فَقَالَ مَفْرُوقٌ: إِنَّا لأَشَدُّ ما نكون غضبا لحين نَلْقَى، وَإِنَّا لأَشَدُّ مَا نَكُونُ لِقَاءً حِينَ نَغْضَبُ، وَإِنَّا لَنُؤْثِرُ الْجِيَادَ عَلَى الأَوْلادِ، وَالسِّلاحَ عَلَى اللِّقَاحِ، وَالنَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُدِيلُنَا مَرَّةً وَيُدِيلُ عَلَيْنَا أُخْرَى، لَعَلَّكَ أَخُو قُرَيْشٍ؟ فقال أبو بكر: أو قد بَلَغَكُمْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَهَا هُوَ ذَا، فَقَالَ مَفْرُوقٌ: قَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ، فَإِلامَ تَدْعُو يَا أَخَا قُرَيْشٍ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: «أَدْعُو إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْ تُؤْوُنِي وَتَنْصُرُونِي، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ تَظَاهَرَتْ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، وَكَذَبَتْ رُسُلَهُ، وَاسْتَغْنَتْ بِالْبَاطِلِ عَنِ الْحَقِّ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» فَقَالَ مفروق: إلى ما تدعو أيضا يا أخا قريش؟ فقال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [٢] فقال مفروق:

[(١)] الغديرة: الذؤابة المضفورة من شعر المرأة، والجمع: غدائر. [(٢)] سورة الأنعام: الآية ١٥١.

1 / 178