تحرير الفكر من قيد التقليد؛ حتى لا يخضع العقل لسلطان غير سلطان البرهان، ولا يتحكم فيه زعماء الدنيا ولا زعماء الأديان. (2)
اعتبار الدين صديقا للعلم لا موضع لتصادمهما؛ إذ لكل منهما وظيفة يؤديها، وهما حاجتان من حاجات البشر، لا تغني إحداهما عن الأخرى. (3)
فهم الدين على طريقة السلف قبل ظهور الخلاف، والرجوع في كسب معارفه إلى ينابيعها الأولى.
ومنابع الإسلام في سذاجته التي ورد بها من صاحب الدين نفسه هي: الكتاب، وقليل من السنة في العمل.
هذا هو الأصل الذي ينبغي أن يرد إليه الدين الإسلامي في مذهب أستاذنا.
ولما كان الثابت بالتواتر من السنة قليلا، فقد صرح الشيخ في تفسير سورة الفاتحة «أنه يجب أن يكون القرآن أصلا تحمل عليه المذهب والآراء في الدين.»
لهذا توجهت عزيمة الشيخ في أخريات حياته إلى العناية بتفسير القرآن عناية كانت تكاد تستغرق كل مجهوده للإصلاح الديني.
وجهة الطرافة في تفسير الأستاذ هي حسن الطريقة في البحث ولطف التصوير لمعاني القرآن على ما يوافق ذوق هذه العصور وإدراكها حاجاتها. والشيخ في كلا الأمرين متأثر بمنهاج الفكر الحديث.
ولا شك أن الشيخ قد تأثر بالحياة الغربية على وجه ما في حياته العقلية ومعيشته الخاصة، ذلك بأنه تعلم اللغة الفرنسية وسافر إلى أوروبا عدة مرات، وعاشر الأوروبيين في مصر وفي غير مصر، فاستفاد من مخالطته وسياحاته ومن مطالعاته لكتب الغربيين في الفنون المختلفة، وظهر أثر ذلك في أفكاره وكتاباته ودعواته الإصلاحية. •••
ولا يسع المؤرخ حين يترجم للشيخ محمد عبده أن يغفل الإشارة إلى ما بلغه الرجل في حياته من عز وجاه وحرمة موفورة، كان للشيخ محمد عبده خصوم يكرهونه ويكيدون له ويضعون له العقبات في سبيل إصلاحه، ولكن أحدا لم يكن يستطيع أن يغض من جلال الشيخ أو ينكر عليه منزلته الرفيعة في النفوس.
نامعلوم صفحہ