مجهول العنوان في لطيف الكلام
مجهول العنوان في لطيف الكلام
اصناف
على ما يدرك عليه السواد وأن يكون سوادا، وفي ذلك كون البياض منافيا له، وذلك كله مما لا يصح. أيضا لو كان السواد متحيزا لكان إنما يجاور الجوهر وكذلك يجب أن يكون البياض. وفي ذلك كون الجوهر أسود أبيض لمجاورة سواد وبياض له. فلما امتنع ذلك فيه وجب أن يمتنع في سائر الأعراض التحيز، لأن حكم الكل على سواء. وما يقتضي في البعض هذا الحكم يقتضيه في البعض الآخر. أيضا لو كان العرض متحيزا لصح أن يتحرك وكان لا يجب أن يخلفه عرض آخر وكان يجب أن يمتنع أن لا يكون المحل كائنا في المحاذيات بأن يخرج الكون من أن يكون مجاورا له ولا يجاور غيره. وكان يجب أن لا يمتنع مثل ذلك في اللون أيضا بعد وجوده. والمعلوم
خلاف ذلك. أيضا لو كان اللون متحيزا لكان يدرك بمحل الحياة، لأن هذا حكم المتحيز وفي ذلك فصل الضرير بين السواد والبياض وأن يعلم ما يختصان به من الصفة، كما يعلم التحيز. أيضا لو كان الكون مجاورا لوجب كونه مجاورا بمجاورة، فكان يجب مثل ذلك في تلك المجاورة، وفي ذلك وجود ما لا نهاية له. ولا يمكن أن يقال أن الكون يجب كونه مجاورا، والوجوب يغني عن معنى، لأن المجاور لغيره كان لا يمتنع بدلا من المجاورة أن لا يجاور، لأن التحيز يصحح المجاورة والمفارقة. أيضا لو صح التحيز في بعض الأعراض لصح ذلك فيما يختص الجمل لما ذكرناه فيما تقدم، فكان يجب أن يكون العلم والجهل والشهوة والنفور والقدرة والعجز لو ثبت والحياة
VI
لا يحله العرض. ولا يمكن أن يقال أن الجوهر المعدوم غير متحيز، فلا يمنع من المداخلة وأن يماس الجوهر في الجهة التي ماسه، لأن امتناع المداخلة تابع للتحيز، وذلك أن التحيز وإن لم يكن حاصلا، فكان يجبأن يمتنع علينا ذلك، لأن الطريقة في امتناع المداخلة في الموجودين من الجواهر، فكانت تكون حاصلة، وهو أن يكون ما في أحدهما من الكون حالا في الآخر. وإذا صح أن الجوهر المعدوم لا يصح أن تحله الأعراض وكان كونه غير متحيز مانعا من ذلك، لأنه لا يصح أن يكون غير موجود مانعا من ذلك، لأنه لو دخل في الوجود ولم يكن متحيزا لم يحتمل العرض لما دللنا به على أن العرض لا يحتمل العرض، ومع التحيز لا بد من وجود الكون فيه محتملا له. فهذا
الحكم ليس يتغير بتغير الحال في الوجود، وإنما يتغير بتغير الحال في التحيز، فيجب كونه تابعا له ولا يجوز كونه تابعا للوجود، فلا يمكن أن يقال أنه إنما لم يحتمل، لأن صفات المعاني أو بعضها غير حاصلة، لأن هذا الحكم لو اعتبر بصفة المعنى أن يحصل أو صفة المعنى موقوفا عليه، لكان كل واحد متعلقا بالآخر. وإذا كانت الفاصلة بين الوجود والعدم هي التحيز وصفات المعاني والوجود، وعلم أنه لا مدخل في ذلك لخروج الذات من صفات المعاني، علم أنه إنما لا يحتمل الأعراض، لأنه ليس بمتحيز. وإذا ثبت أن الجوهر لتحيزه يحتمل الكون لما ذكرنا أنه مع التحيز يجب وجود الكون فيه، فإن قدر لكل أمر وكان حكم التحيز مع عرض حكمه مع عرض آخر، فيحتمل سائر الأعراض لذلك. فإن اعتبر
VII
في المحل الواحد وليس بعضه حالا في البعض، والمحل موجود بحيث العرض وليس هو حالا فيه. وليس المرجع إلى وجود الشيء بحيث [هو] غيره وتعلقه به حتى لو عدم لعدم، لأن الحياة لو عدمت لعدم العلم وهو موجود في محلها، وهو غير حال فيها، فالمرجع بذلك إلى ما ذكرناه. وإذا صح ذلك وكان كون الحال كأنه المنتقل بانتقال المحل إنما يتم بتحيز المحل الذي يصح [في]ه النقلة، علم أن الحلول لا يصح إلا في المتحيز. وإذا صح ذلك [يستحيل] ال[تحيز فيها] ليس بمتحيز، وكذلك الأعراض و[ما] لا يصح حلول الأعراض فيه وفيها. وقد قيل في ذلك: إن احتمال الأعراض بالحقيقة للتحيز، وهو الذي يبين به التحيز مما عداه [من] الصفات، وذلك
أن لا يحصل التحيز إلا له وهو جار مجرى صحة الفعل أنه لا يحصل إلا لحالة القادر. ويمكن أن يقال في ذلك: إن ما يجري مجرى الحقيقة للتحيز ويبين به من سائر الصفات امتناع المداخلة، لا احتمال الأعراض.
طريقة أخرى
لو احتمل تعالى الأعراض لكان يحتملها لصفة معقولة، والوجود قد بينا أنه لا يقتضي ذلك والصفات التي يستحقها أحدنا لو اقتضت احتماله الأعراض لاقتضت ذلك فينا، لأن الصفة يمتنع أن تقتضي حكما وصفة في موصوف دون موصوف. ولا يصح أن تكون هذه الصفات فينا مقتضية لذلك، لأن احتمال الأعراض لا يتعلق بالجملة، وهذه الصفات تتعلق
نامعلوم صفحہ