مجهول العنوان في لطيف الكلام
مجهول العنوان في لطيف الكلام
اصناف
الهوي، فلا يمكن أن يقال أن الجميع مكان له، بل المكان ما لاقاه. ومتى لم يكن كبر المكان على هذا الوجه وكان لذهاب الأجزاء علوا، فلا يمتنع في المكان أن يكون مكانا للكل ويكون فيه ما يمنع من توليد ما فيه من الاعتماد. واعلم أن الجزء كما يصح أن يكون مكانا لغيره، فيصح أن يتمكن على غيره، لأنه لا يمتنع أن يحصل فيه الاعتمادات المولدة للهوي إذا لم يكن منع. ويحصل في جزء آخر ما يمنع من هويه، فلا يجب أن يكون المتمكن أعظم من المكان، ولا شبهة في ذلك. فأما المكان، هل يكون مكانا لما هو أعظم منه وكانت أطرافه فاصلة؟ فالصحيح في ذلك أن المكان لا يكون مكانا للأطراف الفاصلة، وذلك أن الأطراف
إما أن لا يكون بينها وبين ما لاقى المكان صلابة في هوي، فكيف يكون المكان مكانا له؟ وإن كان فيه صلابة، فلم يمتنع هويها لأمر يرجع إلى المكان، بل إلى الصلابة ولما يرجع إلى المكان. ويجب أن يكون امتناع الهوي بما يرجع إلى المكان حتى يكون المتمكن متمكنا على المكان. واعلم أن الأطراف، متى لم تكن فاصلة وكان كبر المتمكن بذهاب الأجزاء في جهة العلو، فلا يمتنع مما قلنا أنه المكان، أن يكون مكانا للجميع، لأن امتناع هوي الجميع لا يمتنع أن يكون لما يرجع إليه. والذي ذكرناه في أول الفصل في حقيقة المكان هو الصحيح دون ما قيل في ذلك أن المكان ما حاط بالشيء، ودون ما قيل أنه الذي يتمكن عليه الشيء، ودون ما قيل أنه ما اعتمد عليه الشيء، فنفي سكونه
لأمر يرجع إليه، فإن المكان هو الذي يتمكن عليه المتمكن، والمتمكن لا يتمكن على ما هو فوقه وما عن يمينه ويساره وخلفه وقدامه، وإنما يتمكن على ما تحته. والسقف ليس مكان للقنديل المعلق، فكيف يكون مكانا له ولم يتمكن عليه؟ وما يمنع من ذهاب النار في جهة العلو ليس بمكان له وإن كان قد اعتمد عليه النار وبقي سكونه [له].
الفصل الثامن والأربعون في أن الجزء لا يحتاج إلى مكان
لو كان الجزء يحتاج إلى مكان لكان إما أن يحتاج إليه في وجوده أو في أمر زائد على الوجود. فلو احتاج إليه في وجوده لوجب مثله في المكان، وفي ذلك حاجة كل واحد في وجوده إلى الآخر. ولو احتاج إليه فيما زاد على الوجود فيجب أن يؤثر المكان في ذلك
XI
[.. الجزء] لو لقياه لوجب ذلك، وفي ذلك صحة القسمة فيه. ولما امتنعت القسمة لما حجمه كحجم ما تصح فيه القسمة، لم يمتنع صحة القسمة فيما قدره قدر ذراع، وامتناع ما قدره كقدره ول[يس] ذلك من وجه آخر، وهو أنه يجب أن لا يمتنع [أن] يصير بحيث الجزءين، وفي ذلك وجود مثل ما في كل واحد من الجزءين من الكون فيه والكونين اللذين في الجزءين ضدين في الجنس. وفي ذلك صحة اجتماع الضدين فيه. والجزآن إذا صح أن يلقياه من جهتين، فلا يصح أن يصير بحيث هما في حالة واحدة حتى يكون قد اجتمع فيه مثل ما كان فيهما من الكونين.
الفصل الخمسون في أن الجزء لا يصح أن يوضع على موضع الاتصال من الجزءين
قد حكينا عن الشيخ أبي هاشم أنه أجاز ذلك [و]الصحيح خلافه، لأن ما فيه من الكون، وهو موضوع
على موضع الاتصال يجب أن يكون ضدا لما كان يكون فيه، وهو موضوع على أحد الجزءين لاستحالة اجتماع هذين الكونين لا لوجه إلا للتضاد. ويجب أن لا يكون له ضد، لأنه ليس هو كونا في جهة أخرى سوى جهة ذلك الكون، بل يجب أن يكون مثله للوجه الذي ذكرناه. وفي ذلك مع وجوب كون هذين الكونين ضدين وأن لا يكونا ضدين كون الضدين مثلين. ولو وضع جزءين على جزءين، فلو كان الجزء موضوعا على جهة الاتصال لكان ما فيه، إذا لم يكن كونا في المحاذيات الأخر سوى الجزءين، فيجب أن يكون ما فيه من الكون إما أن يكون بصفة ما في أحدهما أو بصفة ما في الآخر أو بصفة ما فيهما. فإن كان بصفة ما في أحدهما فليس كونه كذلك بأولى من أن يكون بصفة ما في الآخر مع أن الحال ما ذكرناه
نامعلوم صفحہ