وسمت التوراة والإنجيل والقرآن والكتب المنزلة، ولو أن فضلًا ونبلًا تصورا جسمًا لتصورت الكتابة، ولولا ما نزل به الكتاب في الفرض والمواريث لورثت الكتابة، ولو أن الصناعة مربوبةٌ لكانت الكتابة سيدًا لكل صناعةٍ، وبالكتابة توضع الموازين، وتنشر الصحف يوم القيامة، والكتابة أفضل شيءٍ عند الله ﷿ منزلةً ودرجةً ومن جهل حقها رسم برسم الغواة والجهلة، وبها قامت السياسة والرياسة، وإليها ضوت الملوك بالفاقة والحاجة، وإليهم ألقيت الأعنة والأزمة، وبهم اعتصموا في النازلة والنكبة، وعليهم اتكلوا في الأهل والولد، والذخائر والعقد، وولاة العهد، وتدبير الملك، وقراع الأعداء، وتوفير الفيء، وحياطة الحرم، وحفظ الأسرار، وترتيب المراتب، ونظم الحروب بالميمنة والميسرة والقلب والكمناء والروادف والأجنحة، وعن الكتابة يحاسب ﷿ خلقه يوم القيامة بما أثبتت الملائكة والحفظة وقد أجمعت العلماء أن أول ما خلق الله القلم، وأنه جل وعز قال له: اكتب! قال: يا رب! وما أكتب؟ قال: اكتب علمي في الخلق إلى أن تقوم الساعة، فكتب القلم بما كان وما هو كائنٌ إلى يوم القيامة. وقال جل وعز: ﴿وإن عليكم لحافظين. كرامًا كاتبين﴾، وقال جل وعز: ﴿كتب ربكم على نفسه الرحمة﴾