بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستين وصلى الله على سيدنا محمد واله وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم ووالى عليه وأنعم مقدمة المؤلف الحمد لله الذي وفق أقواما لمدح نبيه الكريم، وحباهم على ذلك برضوان جنة النعيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد المؤيد بالمعجزات والكلام القديم، صاحب الإسراء والمعراج، والجهاد، والدين القويم، وعلى آله الحائزين نهايتي التكريم والتعظيم، وأصحابه الذين لا يحصي فضائلهم كل حاذق وفهيم، ما توجه سائل إلى ولي كريم، وفاز منه بكل مطلب جسيم.
وبعد... فهذا شرح لطيف على بردة البشير النذير، المنظومة على البحر البسيط، والأسلوب الوسيط، التي أنشأها أعلم الشعراء، وأشعر العلماء: الإمام أبو عبد الله شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد البوصيري؛ أفاض الله تعالى عليه شأبيب الغفران، وأسكنه أعلى فراديس الجنان - وسميته ب: العمدة في شرح البردة والله أسأل أن ينفع به الطالبين، وأن يوجه إليه رغبة الراغبين.
قال رحمة الله تعالى عليه، بعد أن تيمن بالبسملة والحمدلة، وقد جرد من نفسه مخاطبا على عادة الشعراء ثمة، وهذا منقول منها لطويلها:
صفحہ 1
============================================================
الفصل الاول في الغزل وشكوى الغرام
صفحہ 2
============================================================
9 10" أمن تذكر جيران بذع سلم منجت دهعا جرى مزمقلة بدم أجل: تذكر جيران كن كرام؛ محبوبين، والظرف متعلق ب مزجت: الآتي، والهمزة للتقرير.
والتذكر: مصدر تذكر، أضيف إلى مفعوله من " الذكر، بالكسر، وهو ما يكون باللسان.
أو من الذكر بالضم، وهو ما يكون بالقلب. والثاني هنا أنسب.
والجيران : جمع جار، وأصله جوران، قلبت الواوياء، وأراد بهم: [سيدنا] محمدأ صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه الكرام، الكائنين: بذي سلم هو علم بالغلبة على مكان بين مكة والمدينة . وقيل" :ذو بمعنى صاحب.
وسلم اسم لنوع من شجر العضاه؛ على أنه نعت لمحذوف أي : بمكان ذي سلم. والباء فيه بعنى: في: 113
صفحہ 3
============================================================
مزجت من المزج وهو خلط الشيء بالشيء :.
ذمعا منك عظيما كثيرا، وهو الماء السائل من العين لخزن أو سرور، لا يبرد مع الحزن بعد مفارقة الحدقة إلا بعدمدة، بخلاف دمع السرور فإنه يبرد بمجرد تلك المفارقة، ووصف دمعاء بقوله: رى من الجريان، وهو سيلان الشيء مع شدة.
من مقلة عظيمة منك، وهو متعلق ب :جرى: والمقلة: شحمة العين الجامعة للسواد والبياض.
منك عظيم كثير، والباء فيه للتعدية.
114
صفحہ 4
============================================================
~~- 20" ام هبت الريح مزتلفاء كاظمة
9 ال 16ا-1 واؤمضالبرق في الظلماء من إضم وهي ههنا متصلة: هبت اي : من تذكرنا بشيء من أجل إدراك أن هبت : الريع وأصله : روح قلبت الواوياء، وروعي في جمعه حالة الأصل تارة؛ فقالوا: ارواح.
ال وحالة القلب أخرى فقالوا: أرياح . وهي مأخوذة من الروح بمعنى الراحة. ورياح الرحمة ثلاث: الجنوب والشمال والصبا. وريح العذاب واحدة وهي" الدبور.0
لابتداء الغاية.
تلقاء بكسر التاء، وبالمد، أي: جهة.
118
صفحہ 5
============================================================
كاظمة بالظاء؛ علم على موضع قريب من المدينة، غير منصرف، وصرفه هنا للضرورة.
وأومض عطف على هبت، يقال: أومض البرق وومض لمع لمعانا خفيا، والواو فيه إما على حقيقتها أو بمعنى: أو.
البرق واحد برق السحاب ، من: برق السيف بريقا: إذا تلألأ وانحلب منه ما لا مطر في الليلة.
الظلماء بالمد، أي : ذات الظلمة.
لابتداء الغاية.
119
صفحہ 6
============================================================
بكسر الهمزة، وفتح الضاد: جبل أو واد بين مكة والمدينة(1).
وحاصل معنى هذا البيت والذي قبله: أن المخاطب يقول للمخاطب: ما سبب مزج دمعك بالدم، وبكائك الكثير من ذلك؟ أهر من التذكر الناشىء عن سماع الأخبار الدالة على محاسن أولئك الأحبة؟ أم التذكر الناشىء عن إدراك الريح الهابة من جهتهم بحس اللمس؟ أم التذكر الناشىء من إدراك لمعان البرق من تلقائهم بحاسة البصر؟.
وبهذا يظهر أن الأولى جعل الواو في وأومض معنى "أم،.
ثم استفهم من المخاطب لما أنكر أن يكون سبب بكائه أحد الأمرين من تذكر الجيران وهبوب الريح بقوله-: (1) قال في القاموس : إضم، كعنب : جبل، والوادي الذي فيه المدينة النبوية - صلى الله الوسلم على ساكنها - عند المدينة يسمى القناة، ومن أعلى منها عند السد الشظاة، ثم ما كان أسفل ذلك يسمى إضما . وذو إضم : ماء بين مكة واليمامة . مادة أضم، .
112
صفحہ 7
============================================================
4422 30" فما لعكذتيى إزقلت اك ك ففاهمتا ها بخييت: رد 4 1 --ا1-ا ومالقلبك ازقلت اشتفق يهم 3 أي: أي شيء ثبت العينيك تثنية عين، وهو مؤنثة لتصغيرها على "عيينة*، وتجمع على" عيون في الكثرة، وعلى" : أعين، وأعيان ، في القلة .
بكسر الهمزة وسكون النون: للشرط.
قلت لهما أيها المخاطب في زمن من الأزمان قصدا لكتم الحب: اكففا أي : كفا الدمع ؛ ففك الفعل لضرورة الوزن.
همتا اي: سال دمعهما:
194
صفحہ 8
============================================================
وأصل همتاء : هميتأ، قلبت الياء الفآثم حذفت الألف، وقديقال في لغة ضعيفة : هماتا، كمايقال: رماتا.
عطف على الاستفهام السابق، أي: أي شيء ثبت: لقلبك ال وهو جوهر صنوبري الشكل، مودع في الجانب الأيسر من الصدر، في باطنه تجويف فيه دم أسود هو منبع الروح ومعدنه.
إن قلت له وهو في سكرات الهيام، وغمرات الغرام-: استفق أي: أفق مما أنت فيه قصدا لكتم الحب عن العذال، وإخفائه عن الوشاة . حال من القلب.
مضارع "هام، وأما هيمان القلب فيعلم بالقرائن الدالة عليه، مثل إطالة السكوت، وغيبة الحس، وعدم رذ الجواب في المحاورات.
ثم لما لم يحرر المخاطب جوابا وأفحمه السائل بالسؤال المسكت، والالزام المبهت رجع إلى تغليطه في إنكاره حالة الحب التي لا تخفى على أحد فقال منكرأ عليه وموبخا إياه: 119
صفحہ 9
============================================================
يو ج* 0" أيخسب الصب أزالحت منكتم -
مابيرمتجع هنهومضطرم أيحسب أي: يظن، فهو من أفعال القلوب.
الصب أي: العاشق الصادق، وهو أبلغ من نسبة الفعل إلى المخاطب إفادته أن عدم صحة إنكار الحب مع ظهور العلامات الدالة عليه . وهي مأخوذة من " الصبابة التي هي رقة الشوق وحرارته. أو سمي صبا لأنه لكثرة بكائه كأنه يصب الدمع من عينيه .
ويجوز أن يريد به المخاطب وحده، ويكون في الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة.
أن الحب بضم الحاء بمعنى المحبة.
منكتم أي : مستتر عن الناس.
زائدة، والجملة سدت مسد مفعولي يحسب" .
120
صفحہ 10
============================================================
ظرف مكان، ومحله نصب على الحال. دمع-: نسج اي : سائل بشدة.
منهومضطرم أي: المشتعل؛ من قولهم: اضطرمت النار إذا اشتعلت .
141
صفحہ 11
============================================================
د 50، لولا الهوى لوترة دماعلى طلل ولا أرقت لذكرالبازوالعلم حرف يدل على امتناع الجواب لوجود الشرط.
الهوى الهوى: مصدر هوي بكسر الواو ، إذا أحب؛ فهو بمعنى الحب. وهو مبتدأ، والخبر محذوف، أي: موجود. فالمعنى: امتنع عدم إراقتك دمعا على طلل لوجود الهوى.
لم ترق دمعا أي: لم تصبه. يقال: أراق الماء أي: صبه، ويقال: هراق أيضا بمعناه .
على للتعليل، أي : لاجل طلل الآتي، أو بمعنى في .
طلل(1) الطلل: ما بقي من آثار الدار مرتفعا، فإن لم يكن بأن كان ملتصقا با لأرض كان رسما .
(1) قال في القاموس : الطلل، محركة: الشاخص من آثار الدار، وشخص كل شيء، كالطلالة كسحابة فيهما، وجمعه: أطلال وطلول . مادة طلل.
14
صفحہ 12
============================================================
ولاأرقت بكسر الراء بمعنى: سهرت: لذكر البان البان: شجر طيب الريح، ويتخذ منه دهن يعرف بدهن البان: والعلم العلم: يطلق على معان؛ منها: الجبل، والرمح. أي: ولا سهرت لذكر البان والعلم الكائنين بمحل المحبوب. وعلى هذا ف البان والعلم، باقيان على معناهما، ل يحتمل أنه شبه المحبوب بهما في طيب الرائحة وحسن الهيئة، وطول القامة، وإنما أاورثه ذكرهما السهر لأن النوم إنما يكون عن الرطوبة الصاعدة من المعدة إلى الدماغ، والمحب تكثر حرارته، فتنفى عنه الرطوبة، وحينثذ فلا ينام، وتلك الرطوية تنشأ غالبا عن كثرة الطعام والشراب، والمحب يلهيه حبه عن أكله وشرابه، فتنتفي رطوبته ال وتتضاعف حرارته لا سيما عند ذكر معاهد الأحباب(1). ولما ألزم السائل المخاطب أولا، وأقام عليه الحجج ثانيا، أقبل عليه بالتقريع والتوبيخ ثالثا، مناديا عليه بفساد الرأي وكساد الاعتقاد، فقال:- (1) فكيف بمعاهد ومآثر سيد الأحباب الآخذ بالألباب سيد الوجود وحبيب الرب المعبود صلى الله عليه وآله وسلم، كيف لا تأخذ معاهده بألباب العاشقين، فتتركهم في وكه ودهش اا من سطوع تلك الأنوار، وتنزلات تلك الأسرار بما لا تتخيله العيون، ولا تتصوره العقول، كيف بك يا حبيبي وأنت في بساط القرب من الحبيب المحبوب، هل يعقل أن ترقألك عين، أو يغمض لك جفن، والله لن يقع هذا لك إلا في حال الغفلة، وإلا فمن أدرك تلك الأنوار، دهشت منه الأبصار، وغرق في بحر حب النبي المختار، أذاقنا الله من ذاك المعين، 143
صفحہ 13
============================================================
60" فكيف تنكرحبابعد ماشهدت به عليتك عدول الدمع والسقم فكيف هو اسم استفهام، ومحلها النصب على الحال لوقوعها قبل جملة، بخلاف ما إذا وقعت قبل مفرد؛ فإنها تعرب خبرا عنه، كما في قولك : كيف زيد تنكر؟.0 أي: تجحد.
تنكر اي: تجحد حبا بانكار لوازمه على أي حال يقع منك ذلك الإنكار ففي كلامه سلوك لطريق البرهان الذي هو فن من فنون الفصاحة، وضرب من ضروب البلاغة على طريقة قوله تعالى: كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياك) (1) .
بعد ظرف زمان منصوب بد تنكر.
بجاه عظيم الجاه صلى الله عليه وآله وسلم. .. آمين لا أرضى بواحدة حتى أضيف اليها ألف آمينا.
(1) سورة البقرة الآية 28.
124
صفحہ 14
============================================================
مي مصدرية.
شهدت به أي : بالحب.
عليك والظرفان متعلقان ب شهدت".
عدول جمع : عدل من "العدالة4.
الذمع السائل من عينيك عند تذكر أولئك الجيران .
والسقم أي: المرض الطويل القائم بجسمك الناشىء عن السهر الطويل الحاصل من تذكر "البان والعلم ، وإضافة العدول إليهما إما بيانية، أو من إضافة الصفة إلى موصوفها، واستعمال الجمع في اثنين شائع.
والسقم: بفتح اوليه كالسلم، ويجوز فيه سقم بضم أوله وسكون ثانيه.
128
صفحہ 15
============================================================
اوو ا و1 "7" واتبت الوجد حطوعبره وصت 112 (1) مثل البهار علأخديك والعنم بدما: أثبت الوجد أي: الحزن الحاصل من المحبة . وهو - بفتح الواو- مصدر وجد عليه بمعنى: زن، وهوعطف على شهدت".
خطي عبرة أي: دمع سائل من عينيك، وإضافته للبيان. وسميت عبرة لعبورها ومجاوزتها الحدقة.
وضنى اي: نحول(1). عطف على خطي، لا على "عبرة2 ، والمعنى : الأثر الناشىء (1) قال في اللسان : الضينى : المرض. ضني الرجل، بالكسر، يضنى ضنى شديدا إذا كان به مرض مخامر، ظن أنه قد برا نكس. والعرب تقول رجل ضنى وقوم دنف وضنى لأنه مصدر، كقولهم قوم زور وعدل وصوم.
15
صفحہ 16
============================================================
مثل البهار في الصفرة، بفتح الباء: ورد أصفر(1).
على خديك تشنية خده، وهو أحد جانبي الوجه. والظرف متعلق ب" أثبت:.
و أي : وتلك العبرة في الحمرة لامتزاجها بالدم مثل: - العنم بفتح أوليه: شجر أحمر لين الأغصان (2) .
ولماقامت عليه تلك الحجج الواضحة، وتوجهت إليه هاتيك الدلائل اللائحة، اعترف بالحب، ورجع فقال:- (1)قال في اللسان: البهار : نبت طيب الريح . وقال الجوهري في الصحاح : البهار العرار الذي يقال له عين البقر وهو بهار البر، وهو نبت جعد له فقاحة صفراء ينبت أيام الربيع يقال له: العرارة.
(2) وقال ابن منظور : العتم: شجر لين الأغصان لطيفها يشبه به البنان كأنه بنان العذارى، واحدتها عنمة، وهو مما يستاك به، وقيل: العنم: أغصان تنبت في سوق العضاه رطبة لا تشبه سائر أغصانها حمر اللون، وقيل: هو ضرب من الشجر له نور أحمر تشبه به الأصابع المخضوبة قال النابغة : بمخضب رخص، كأن بنانه عنم على أغصانه لم يعقد ل وقال الجوهري : هذا يدل على أنه نبت لا دود. وبنان معنم أي مخضوب. قال ابن بري : وقيل العنم: ثمر العوسج، يكون أحمر ثم يسود إذا نتضج وعقد. انظر: اللسان مادة عنم.
12
صفحہ 17
============================================================
0، نعم سرى طيف من أهوى فارقنى و (1) 1411 لوالحب يعترضر اللذات بالالم أي: صدقت أيها السائل في جميع مانسبته إلي. ونعم حرف جواب، ك:لا0 إلا أنها لتصديق الإيجاب، و"لا: لتصديق النفي.
سرى أي: جاءني ليلا .
طيف من أهوى اي: خياله، بعد آن فارقتهم. وأصل طيف: طيف بتشديد الياء، فخففوه بحذف عينه كما فعلوا فئ ميت: .
فأرقني اي: أسهرني حزنا على مفارقتهم.
(1) ذكر العلامة الباجوري رحمه الله تعالى في حاشيته على البردة فقال: وفائدة هذا البيت أن من كرره بعد صلاة العشاء حتى يغلب عليه النوم فإنه يرى المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في منامه إن شاء الله تعالى . انظر حاشية الباجوري: صفحة 8 لا حرمنا الله رؤيتك يا سيدي يقظة ومناما بجاهك عند الله .
126
صفحہ 18
============================================================
والحب أي: العشق، باعتبار ما ينشأ عنه من عدم الوصل بالمحبوب.
يعترض اللذات أي : يحول بينها وبين المحب، ولا يصل إليه منها شىء.
بالألم والجملة اعتراضية أو حالية: ثم استشعر لائمأ يلومه في الحب فقال:- 19
صفحہ 19
============================================================
90" يالاريمى فى الهوى العذرى معذرة ~~منى إلياك ولؤانصفت لرتلم حرف لنداء البعيد.
لائمي من "اللوم، وإنما ناداه نداء البعيد مع قربه بحسب المسافة تبعيدا له عن ساحة الحضور: في الهوى أي: الحب المفرط ، و في : للتنبيه، أو بمعنى على .
العذري المنسوب إلى بني عذرة، بضم العين وإسكان الذال، وهي قبيلة من العرب يفضي بهم العشق إلى التلف.
وسثل بعضهم عن ذلك فأجاب: بأن في قلوبنا خفة، وفي نسائنا عفة .
(1) ذكر العلامة الباجوري في حاشيته فقال : وفائدة هذا البيت وما بعده أنك إذا أردت أن تقهر نفسك على إقامة شعائر الدين فواظب على قراءتهما خلف كل صلاة.
انظر: حاشية العلامة الباجوري: صفحة 9 .
130
صفحہ 20