235

في يوم من الأيام أرسلتني قيادة الكنيسة للقيام بأعمال تبشيرية لمدة ثلالة أيام ولياليها في منطقة "دايري" التي تبعد عن عاصمة "ميدان" الواقعة في شمال جزيرة سومطرة بضع مئات من الكيلومترات، ولما انتهيت من أعمال التبشير والدعوة أويت إلى دار مسئول الكنيسة في تلك المنطقة، وكنت في انتظار وصول سيارة تقلني إلى موقع عملي، وإذا برجل يطلع علينا فجأة، لقد كان معلما للقرآن، وهو ما يسمى في إندونيسيا مطوع في الكتاب، وهو المدرسة البسيطة التي تعلم القرآن، لقد كان الرجل ملفتا للأنظار، كان نحيف الجسم، دقيق العود يرتدي كوفية بيضاء بالية خلقة، ولباسا قد تبدل لونه من كثرة الاستعمال، حتى أن نعله كان مربوطا بأسلاك لشدة قدمه، اقترب الرجل مني، وبعد أن بادلني التحية بادرني بالسؤال التالي، وكان سؤالا غريبا من نوعه، قال: "لقد ذكرت في حديثك أن عيسى المسيح إله، فأين دليلك على ألوهيته؟ "، فقلت له: "سواء أكان هناك دليل أم لا فالأمر لا يهمك: إن شئت فلتؤمن، وإن شئت فلتكفر"، وهنا أدار الرجل ظهره لي، وانصرف، ولكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، فقد أخذت أفكر في قرارة نفسي، وأقول: هيهات هيهات أن يدخل هذا الرجل الجنة، لأنها مخصصة فقط لمن يؤمن بألوهية المسيح فحسب، هكذا كنت أعتقد جازما آنذاك.

ولكن عندما عدت إلى بيتي وجدت أن صوت الرجل يجلجل في روعي، ويدق بقوة في أسماعي، مما دفعني إلى الرجوع إلى كتب الإنجيل بحثا عن الجواب الصحيح على سؤاله، ومعلوم أن هناك أربعة أناجيل مختلفة أحدها بقلم متى، والآخر مارك، والثالث لوقا، والرابع إنجيل يوحنا، هذه التسميات أخذت لمؤلف كل منها، أي أن الأناجيل الأربعة المشهورة هي من صنع البشر، وهذا غريب جدا، ثم سألت نفسي: "هل هناك قرآن بنسخ مختلفة من صنع البشر؟ " وجاءني الجواب الذي لا مفر منه، وهو: "بالطبع لا يوجد"، فهذه الكتب وبعض الرسائل الأخرى هي فقط مصدر تعاليم الديانة المسيحية المعتمدة!

وأخذت أدرس الأناجيل الأربعة فماذا وجدت ؟ هذا إنجيل متى ماذا يقول عن المسيح عيسى عليه السلام؟ إننا نقرأ فيه ما يلي: "إن عيسى المسيح ينتسب إلى إبراهيم وإلى داود ... إلخ (1 - 1) إذن من هو عيسى؟ أليس من بني البشر؟ نعم إذن فهو إنسان، وهذا إنجيل لوقا يقول: "ويملك على بيت يعقوب إلى الأبد، ولا يكون لملكه نهاية" (1 - 33)، وهذا إنجيل مارك يقول: "هذه سلسلة من نسب عيسى المسيح ابن الله"، (: 1) وأخيرا ماذا يقول إنجيل يوحنا عن عيسى المسيح عليه السلام؟ إنه يقول "في البدء كان الكلمة، وكان الكلمة عند الله، وكان الكلمة الله" (1: 1)، ومعنى هذا النص هو في البدء كان المسيح، والمسيح عند الله، والمسيح هو الله.

صفحہ 241