* وعن الفقيه أبي الحسن على بن عيسى الولوالجي، قال: (دخلت على أبي الريحان -البيروني - وهو يجود بنفسه، قد حشرج نفسه، وضاق به صدره، فقال لي في تلك الحال: "كيف قلت لي يوما: حساب الجدات الفاسدة (¬1)؟ " فقلت له: إشفاقا عليه: "أفي هذه الحالة؟ "، قال لي: "يا هذا أودع الدنيا وأنا عالم بهذه المسألة، ألا يكون خيرا من أن أخليها وأنا جاهل بها؟! "، فأعدت ذلك عليه، وحفظ، وعلمني ما وعد، وخرجت من عنده وأنا في الطريق، فسمعت الصراخ").
* وقال القاضي إبراهيم بن الجراح الكوفي تلميذ الإمام أبي يوسف القاضي -يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المتوفى سنة 182 ه، والذي كان يقال له: قاضي قضاة الدنيا-:
(مرض أبو يوسف، فأتيته أعوده، فوجدته مغمى عليه، فلما أفاق قال لي: "يا إبراهيم، ما تقول في مسألة؟ "، قلت: "في مثل هذه الحالة؟! "، قال: "ولا بأس بذلك، ندرس لعله ينجو به ناج؟ "،
ثم قال: "يا إبراهيم، أيما أفضل في رمي الجمار -أي: في مناسك الحج- أن يرميها ماشيا أو راكبا؟ " قلت: "راكبا"، قال: "أخطأت"، قلت: "ماشيا"، قال: "أخطأت"، قلت: "قل فيها، يرضى الله عنك".
قال: "أما ما كان يوقف عنده للدعاء؛ فالأفضل أن يرميه ماشيا، وأما ما كان لا يوقف عنده؛ فالأفضل أن يرميه راكبا".
ثم قمت من عنده، فما بلغت باب داره حتى سمعت الصراخ عليه، وإذا هو قد مات -رحمه الله).
* رأى الإمام أحمد بعض عارفيه في إحدى رحلاته في طلب الحديث، فقال له معترضا مستكثرا ما حفظ، وما كتب، وما روى: "مرة إلى الكوفة، ومرة إلى البصرة"!! إلى متى؟ فقال الإمام أحمد: "مع المحبرة إلى المقبرة".
***
صفحہ 208