ثم أعددت أعمالا لا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغا، فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغد، وبري الأقلام، وحزم الدفاتر، فإن هذه الأشياء لا بد منها، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب، فأرصدتها لأوقات زيارتهم لئلا يضيع شيء من وقتي".
وصنف شيخ الإسلام ابن تيميه -رحمه الله - ما يربو على أربعمائة مصنف من كنوز العلم، ودقائقه.
وقال ابن القيم: (وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام ابن تيمية، في سننه، وكلامه، وإقدامه، وكتابته أمرا عجيبا، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جعة وأكثر) اه.
وعلى سنن من سبق، مشى شيخ الطب في زمانه: ابن النفيس -رحمه الله-، والذي يقول عنه الإمام التاج السبكي: "وأما الطب فلم يكن على وجه الأرض مثله، قيل: ولا جاء بعد ابن سينا مثله، قالوا: وكان في العلاج أعظم من ابن سينا".
هذا الطبيب الرائد صنف كتابا في الطب سماه "الشامل" يقول فيه التاج السبكي: "قيل: لو تم لكان ثلاثمائة مجلدة، تم منه ثمانون مجلدة، وكان فيما يذكر، يملي تصانيفه من ذهنه".
فكيف تم له ذلك؟
كان -رحمه الله- "إذا أراد التصنيف، توضع له الأقلام مبرية، ويدير وجهه إلى الحائط، ويأخذ في التصنيف إملاء من خاطره، ويكتب مثل السيل إذا انحدر، فإذا كل القلم وحفي، رمى به وتناول غيره، لئلا يضيع عليه الزمان في بري القلم ..
وكان السيوطي يلقب "ابن الكتب"، طلب أبوه إلى أمه أن تأتيه بكتاب من المكتبة فأجاءها المخاض فيها، فولدته بين الكتب، فلذلك لقب، ولقد صدق عليه ذلك اللقب حتى صار أبا الكتب، فقد وصلت مصنفاته نحو ستمائة غير ما رجع عنه ومحاه.
صفحہ 201