أنه لم يأكل البطيخ حتى مات وكان إذا سئل عن ذلك يقول لم يبلغني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكله وكذلك بلغنا عنه أنه اختفى أيام المحنة في مسألة خلق القرآن ثم خرج بعد اليوم الثالث فقيل له إنهم الآن في طلبك فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمكث في الغار حين اختفى من الكفار أكثر من ثلاثة أيام وحاله في العمل بالسنة مشهور وكان يتبرأ كثيرا من رأى الرجال ويقول لا نرى أحدا ينظر في كتب الرأي غالبا إلا وفي قلبه دخل وكان ولده عبد الله يقول سألت الإمام أحمد عن الرجل يكون في بلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يعرف صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل منهما عن دينه فقال يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي وكان كثيرا ما يقول ضعيف الحديث أحب إلينا من رأى الرجال وكذلك نقل عن الإمام داود وكان رضي الله عنه يقول انظروا في أمر دينكم فإن التقليد لغير المعصوم مذموم وفيه عمى للبصيرة وكان يقول قبيح على من أعطى شمعة يستضئ بها أن يطفئها ويمشي معتمدا على غيره يشير والله أعلم إلى أنه لا ينبغي لمن قدر على الاجتهاد أن يقلد غيره مع قدرته على النظر في الأدلة واستخراج ذلك الحكم منها والله أعلم وبلغنا أن شخصا استشاره في تقليد أحد من علماء عصره فقال لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الأوزاعي ولا النخعي ولا غيرهم وخذ الأحكام من حيث أخذوا ا ه قلت وهو محمول على من له قدرة على استنباط الأحكام من الكتاب والسنة وإلا فقد صرح العلماء بأن التقليد واجب على العامي لئلا يضل في دينه والله أعلم فقد بان لك يا أخي مما نقلناه عن الأئمة الأربعة وغيرهم أن جميع الأئمة المجتهدين دائرون مع أدلة الشريعة حيث دارت وإنهم كلهم منزهون عن القول بالرأي في دين الله وأن مذاهبهم كلها محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهب والجوهر وأن أقوالهم كلها ومذاهبهم كالثوب المنسوج من الكتاب والسنة سداه ولحمته منهما وما بقي لك عذر في التقليد لأي مذهب شئت من مذاهبهم فإنها كلها طريق الجنة كما سبق بيانه أواخر الفصل قبله وإنهم كلهم على هدى من ربهم وإنه ما طعن أحد في قول من أقوالهم إلا لجهله به أما من حيث دليله وأما من حيث دقة مداركه عليه لا سيما الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه الذي أجمع السلف والخلف على كثرة علمه وورعه وعبادته ودقة مداركه واستنباطاته كما سيأتي بسطه في هذه الفصول إن شاء الله تعالى وحاشاه رضي الله عنه من القول في دين الله بالرأي الذي لا يشهد له ظاهر كتاب ولا سنة ومن نسبه إلى ذلك فبينه وبينه الموقف الذي يشيب فيه المولود وسمعت سيدي عليا الخواص رضي الله عنه مرة يقول يجب على كل مقلد الأدب مع أئمة المذاهب كلهم وسمع مرة بعض الشافعية يقول وفي هذا الحديث رد على أبي حنيفة فقال قطع الله لسانك مثلك يقول هذا اللفظ إنما الأدب أن تقول ولم يطلع الإمام على هذا الحديث ا ه وسمعته مرة أخرى يقول مدارك الإمام أبي حنيفة دقيقة لا يكاد يطلع عليها إلا أهل الكشف من أكابر الأولياء قال وكان الإمام أبو حنيفة إذا رأى ماء الميضأة يعرف سائر الذنوب التي خرت فيه من كبائر وصغائر ومكروهات فلهذا جعل ماء الطهارة إذا تطهر به المكلف
صفحہ 60