أتاكم من بلاد أهل الرأي إلا بعد التفتيش فيه وكان رضي الله عنه يقول من خاض في علم الكلام فكأنه دخل البحر في حال هيجانه فقيل له يا أبا عبد الله إنه في علم التوحيد فقال قد سألت مالكا عن التوحيد فقال هو ما دخل به الرجل الإسلام وعصم به دمه وماله وهو قول الرجل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقول إذا رأيتم الرجل يقول الاسم غير المسمى أو عينه فأشهدوا عليه بالزندقة وروى الحاكم والبيهقي عن الإمام الشافعي إنه كان يقول إذا صح الحديث فهو مذهبي قال ابن حزم أي صح عنده أو عند غيره من الأئمة وفي رواية أخرى إذا رأيتم كلامي يخالف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعملوا بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم واضربوا بكلامي الحائط وقال مرة للربيع يا أبا إسحاق لا تقلدني في كل ما أقول وانظر في ذلك لنفسك فإنه دين وكان رضي الله عنه إذا توقف في حديث يقول لو صح ذلك لقلنا به وروى البيهقي عنه ذلك في باب حديث المستحاضة تغسل عنه أثر الدم وتصلي ثم تتوضأ لكل صلاة وقال لو صح هذا الحديث لقلنا به وكان أحب إلينا من القياس على سنة محمد صلى الله عليه وسلم في الوضوء مما خرج من قبل أو دبر ا ه وكان يقول إذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي شئ لم يحل لنا تركه وقال في باب سهم البراذين لو كنا نثبت مثل هذا الحديث ما خالفناه وفي رواية أخرى لو كنا نثبت مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم لأخذنا به فإنه أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كثروا ولا في قياس ولا شئ إلا طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بالتسليم له ذكره البيهقي في سننه في باب أحد الزوجين يموت ولم يفرض صداقا وروى عنه أيضا في باب السير أنه كان يقول إن كان هذا الحديث يثبت فلا حجة لأحد معه وكان رضي الله عنه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل في أعيننا من أن نحب غير ما قضى به وقال الشافعي في باب الصيد من الأم كل شئ خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط ولا يقوم معه رأى ولا قياس فإن الله تعالى قطع العذر بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس لأحد معه أمر ولا نهى غير ما أمر هو به وقال في باب المعلم يأكل من الصيد وإذا ثبت الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحل تركه لشئ أبدا وقال في باب العتق من الأم وليس في قول أحد وإن كانوا عددا مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة هذا ما اطلعت عليه من المواضع التي نقلت عن الإمام الشافعي في تبريه من الرأي وأدبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بل روينا عنه أنه كان يتأدب مع أقوال الصحابة والتابعين فضلا عن كلام سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فنقل ابن الصلاح في علوم الحديث أن الشافعي قال في رسالته القديمة بعد أن أثنى على الصحابة بما هم أهله والصحابة رضي الله عنهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وفي كل أمر استدرك به علم وآراؤهم لنا أحمد وأولى من رأينا عندنا لأنفسنا ا ه وروى البيهقي أن الشافعي استفتى فيمن نذر ليمشين إلى الكعبة وحنث فأفتى بكفارة يمين فكان السائل توقف في ذلك فقال الشافعي قد قال بهذا القول من هو خير مني عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه وسيأتي في فصول الأجوبة عن الإمام أبي حنيفة وبيان مقامه في العلم أن
صفحہ 58