وأين دليله من القرآن فأفحم الرجل فقال للإمام فما تقول أنت فيه فقل ليس هو من بهيمة الأنعام فانظر يا أخي إلى مناضلة الإمام عن السنة وزجره من عرض له بترك النظر في أحاديثها فكيف ينبغي لأحد أن ينسب الإمام إلى القول في دين الله بالرأي الذي لا يشهد له ظاهر كتاب ولا سنة وكان رضي الله عنه يقول عليكم بآثار من سلف وإياكم ورأى الرجال وإن زخرفوه بالقول فإن الأمر ينجلي حين ينجلي وأنتم على صراط مستقيم وكان يقول إياكم والبدع والتبدع والتنطع وعليكم بالأمر الأول العتيق ودخل شخص الكوفة بكتاب دانيال فكاد أبو حنيفة أن يقتله وقال له اكتب ثم غير القرآن والحديث وقيل له مرة ما تقول في ما أحدثه الناس من الكلام في العرض والجوهر والجسم فقال هذه مقالات الفلاسفة فعليكم بالآثار وطريقة السلف وإياكم وكل محدث فإنه بدعة وقيل له مرة قد ترك الناس العمل بالحديث وأقبلوا على سماعه فقال رضي الله عنه نفس سماعهم للحديث عمل به وكان يقول لم تزل الناس في صلاح ما دام فيهم من يطلب الحديث فإذا طلبوا العلم بلا حديث فسدوا وكان رضي الله عنه يقول قاتل الله عمرو بن عبيد فإنه فتح للناس باب الخوض في الكلام فيما لا يعنيهم وكان يقول لا ينبغي لأحد أن يقول قولا حتى يعلم أن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقبله وكان يجمع العلماء في كل مسألة لم يجدها صريحة في الكتاب والسنة ويعمل بما ينفقون عليه فيها وكذلك كان يفعل إذا استنبط حكما فلا يكتبه حتى يجمع عليه علماء عصره فإن رضوه قال لأبي يوسف اكتبه رضي الله عنه فمن كان على هذا القدم من اتباع السنة كيف يجوز نسبته إلى الرأي معاذ الله أن يقع في مثل ذلك عاقل كما سيأتي بسطه في الأجوبة عنه إن شاء الله تعالى وقال صاحب الفتاوي السراجية قد اتفق لأبي حنيفة من الأصحاب ما لم يتفق لغيره وقد وضع مذهبه شورى ولم يستبد بوضع المسائل وإنما كان يلقيها على أصحابه مسألة مسألة فيعرف ما كان عندهم ويقول ما عنده ويناظرهم حتى يستقر أحد القولين فيثبته أبو يوسف حتى أثبت الأصول كلها وقد أدرك بفهمه ما عجزت عنه أصحاب القرائح ا ه ونقل الشيخ كمال الدين بن الهمام عن أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ومحمد وزفر والحسن إنهم كانوا يقولون ما قلنا في مسألة قولا وإلا وهو روايتنا عن أبي حنيفة وأقسموا على ذلك أيمانا مغلظة فلم يتحقق إذن في الفقه بحمد الله تعالى جواب ولا مذهب إلا له رضي الله عنه كيفما كان وما نسب إلى غيره فهو من مذهب أبي حنيفة وإن نسب إلى غيره فهو بطريق المجاز للموافقة فهو كقول القائل قولي كقوله ومذهبي كمذهبه فعلم أن من أخذ بقول واحد من أصحاب أبي حنيفة فهو أخذ بقول أبي حنيفة رضي الله عنه والحمد لله رب العالمين * (فصل) * فيما نقل عن الإمام مالك من ذم الرأي وما جاء عنه في الوقوف على ما حدته الشريعة المطهرة كان رضي الله عنه يقول إياكم ورأى الرجال إلا أن اجمعوا عليه واتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم وما جاء عن نبيكم وإن لم تفهموا المعنى فسلموا لعلمائكم ولا تجادلوهم فإن الجدال في الدين من بقايا النفاق قال ابن القاسم بل هو النفاق كله لأن الجدال بالباطل في الحق مع العلماء كالجدال مع رسول الله صلى الله عليه
صفحہ 56