عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

Ibn al-Qayyim al-Jawziyyah d. 751 AH
83

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

تحقیق کنندہ

إسماعيل بن غازي مرحبا

ناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

ایڈیشن نمبر

الرابعة

اشاعت کا سال

1440 ہجری

پبلشر کا مقام

الرياض وبيروت

اصناف

تصوف
وكثير من الناس تكون قوة صبره في النوع الذي شاركه فيه البهائم لا في النوع الذي يختصُّ بالإنسان، فيُعد صابرًا وليس من الصابرين. فإن قيل فهل يشارك الجنُّ الإنسَ في هذا الصبر؟. قيل: نعم هذا من لوازم التكليف، وهو مَطيّةُ (^١) الأمر والنّهي، والجن مكلفون بالصبر على الأوامر، والصبر عن المناهي، كما كُلّفنا نحن بذلك. فإن قيل: فهل هم مكلَّفون على الوجه الذي كُلّفنا نحن به أم على وجه آخر؟ قيل: ما كان من لوازم النفوس: كالحب والبغض والإيمان والتصديق والموالاة والمعاداة فنحن وهم مستوون فيه، وما كان من لوازم الأبدان: كغسل الجنابة وغسل الأعضاء في الوضوء والاستنجاء والختان وغسل الحيض ونحو ذلك، فلا يجب مساواتهم لنا (^٢) في كيفيته، وإن تعلَّق ذلك بهم على وجه يناسب خلقهم وهيئاتهم. فإن قيل: فهل تشاركنا الملائكة في شيء من أقسام الصبر؟ قيل: الملائكة لم يُبتلوا بهوى يُحارب عقولهم ومعارفهم، بل العبادة والطاعة لهم كالنَّفَس لنا، فلا يُتصور في حقِّهم الصبر الذي حقيقته ثبات باعث العقل والدين في مقابلة باعث الشهوة والهوى (^٣)، وإن كان لهم صبر يليق بهم، وهو ثباتُهم وإقامتُهم على ما

(^١) ما عدا الأصل: "مظنة". (^٢) في الأصل: "لها". والتصويب من النسخ الثلاث الأخرى. (^٣) وهذا تعريف الغزالي للصبر في "إحياء علوم الدين"، كما سبق.

1 / 36