عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

Ibn al-Qayyim al-Jawziyyah d. 751 AH
121

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

تحقیق کنندہ

إسماعيل بن غازي مرحبا

ناشر

دار عطاءات العلم ودار ابن حزم

ایڈیشن نمبر

الرابعة

اشاعت کا سال

1440 ہجری

پبلشر کا مقام

الرياض وبيروت

اصناف

تصوف
لا يمكن ارتكابُ المنهيِّ ألبتَّة، وأما ترك المنهي فإنه لا يستلزم إقامة الأمر. السابع عشر: أن الرب تعالى إذا أمر عبدَه بأمر ونهاه عن أمر ففَعَلَهما جميعًا كان قد حصّل محبوب الرب وبغيضه، فقد يقوم له من محبوبه ما يدفع عنه شر بغيضه ويقاومُه، ولا سيّما إذا كان فعل ذلك المحبوب أحب إليه من ترك ذلك البغيض، فيهَبُ له جناية ما فعل من هذا بطاعة ما فعل من الآخر. ونظير هذا في الشاهد: أن يقتل الرجلُ عدوًّا لملكٍ هو حريص على قتله، وشَرِب مسكرًا نهاه عن شربه، فإنه يتجاوز له عن هذه الزلة بل عن أمثالها في جنب ما أتى به من محبوبه. وأما إذا ترك محبوبه وبغيضه فإنه لا يقوم ترك بغيضه بمصلحة فعل محبوبه أبدًا، كما إذا أمر الملك عبده بقتل عدوِّه، ونهاه عن شرب مسكر، فعصاه في قتل عدوِّه مع قدرته عليه، وترَك شرب المسكر؛ فإن الملك لا يَهبُ له جُرْمَ ترك أمره في جَنْب ترك ما نهاه عنه. وقد فطر اللَّه عباده على هذا، فهكذا السادات مع عبيدَهم والآباء مع أولادهم والملوك مع خدمهم (^١)، والزوجات مع أزواجهم، ليس التارك منهم محبوب الأمر ومكروهَه بمنزلة الفاعل منهم محبوب أمره وبعض مكروهِه بوجه. الوجه الثامن عشر: أن فاعل محبوب الرب يستحيل أن يفعل جميع مكروهه، بل يترك من مكروهه بقدر ما أتى به من محبوبه، فيستحيل الإتيان بجميع مكروهه وهو يفعل ما أحبه أو بغضه، فغايته أنه اجتمع له

(^١) في النسخ الثلاث الأخرى: "جندهم".

1 / 74