Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
ناشر
دار علوم السنة
اصناف
ولكن هذه الحدود كلها رغم سيطرتها على الإنسان فإنه لا يمتنع عقلًا أن يكون وراء هذه الحدود قوانين أخرى تغاير ما تعودنا عليه» (١) .
٧-يقول الأستاذ أنور الجندي: «لقد أُعطي الإنسان أمانة الحياة، وأُعطي العقل والقلب، ولم يكن عقله إلا جهازًا في وظيفته في حدود المعطيات والقوى المختلفة، ولم يعط هذا العقل القدرة الكاملة على كشف كل شيء، أو الوصول إلى كنه الوجود وأعماق الغيب.
ولكنه أعطي مفاتيح الحقائق عن طريق الوحي أو العلم، فأصبح له طريقه الواضح من خلال هذه المعطيات المتاحة فإذا مضى في هذا الطريق، أضاء وأعطى، أما إذا أراد أن يمضي بالعقل وحده ليكشف كل شيء، لم يجد الطريق واضحًا، وعجز عن أن يصل إلى الحقيقة.
ومن هنا كان خطر القول بقداسة العقل، أو سلطان العلم، هذه الدعوى التي حملتها الفلسفات، ورفع لواءها الفكر البشري في محاولة للاستقلال أو التجرد عن (مفاتيح) المعرفة الأصيلة التي ألقاها الحق ﵎ لخلقه عن طريق رسالات الأنبياء والكتب المنزلة» (٢) .
٨-يقول الشيخ عبد الرحمن الميداني «العقل مقيد بعالم الحس لا عمل له في الحكم على عالم الغيب (المتيافيزيك) . ذلك لأن القوة العاقلة فينا التي تجمع بين الصورة والذاكرة والمخيلة والذكاء تقوم بعملها الجبار في التحليل والتركيب، والجمع والتفريق، واستنتاج القواعد العامة والكليات، وقياس الأشباه والنظائر على بعضها، بعد أن تنقل الحواس المختلفة إلى المصورة أشرطة مشاهداتها في الكون: شريطَ المرئيات، وشريطَ المسموعات، وشريط المذوقات، وشريط المشمومات، وشريط الملموسات، وشريط الوجدانيات الداخلة في الإنسان، ثم تكون أحكامها مقيدة بحدود هذه الأشياء التي جاءتها عن طريق الحس.
_________
(١) وجود الله (١٠-١٦) .
(٢) شبهات التغريب (١٨٥) .
3 / 5