Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
ناشر
دار علوم السنة
اصناف
وبناء على ذلك يكون «الدين» – وهو وحي (أي ما بعد الطبيعة) - خداعًا! وهو وحي ذلك الموجود الذي لا يحده ولا يمثله كائن من كائنات الطبيعة. هو وحي الله الخارج عن هذه الطبيعة كلية.. وكذلك (المثالية العقلية» وهم لا يتصل بحقيقة هذا الوجود الطبيعي. إذ هي تصورات الإنسان من (عند) نفسه، من غير أن يستلهم فيها الطبيعة المنثورة التي يعيش فيها وتدور حوله.
إن عقل الإنسان في منطق هذه الفلسفة – أي ما فيه من معرفة- وليد الطبيعة التي تتمثل في الوراثة والبيئة والحياة الاقتصادية والاجتماعية. إنه مخلوق، ولكن خالقه الوجود الحسي» (١) .
ولقد يفهم من هذا لأول وهلة أن العقلانية التي تتبعنا أطوارها في عصر النهضة وما بعدها قد انتهت وحل محلها طور جديد لا يمت لها بصلة.. ولكن هذا غير الواقع.
لقد تغير الإله المعبود عندهم بالفعل فلم يعد هو العقل، وإنما صار هو الطبيعة التي قال عنها دارون «الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها على الخلق» .
ولكن الإله الجديد لم يقتل الإله الأول، ولم يخرجه من الساحة ليحل محله. إنما قيده فقط بقيوده وأخضعه لشروطه، وإنما كان قد شد على يديه في حرارة مؤيدًا ومؤازرًا في نقطة واحدة معينة هي نفي الإله الحقيقي – ﷾ – وإخراجه نهائيًا من الساحة (نستغفر الله)، وإن اختلفت زوايا الرصد واختلف «المنطق» المستخدم فالإله الأول –العقل- ينبذه بحجة أنه «غير معقول» !! والإله الثاني –الطبيعة- ينبذه لأنه لا يدرك بالحس ولا يخضع للتجربة في المعمل!! تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا..
_________
(١) ٢٩٨-٢٩٩ من كتاب «الفكر الإسلامي الحديث» .
2 / 19